الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يهددني بعدم الرضا إذا آويت أمي التي تريد الهرب من بطشه، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمي تعاني كثيرا مع أبي فدائما يصرخ عليها ويهينها، وأحيانا يضربها بدون سبب أو يهيأ له أنها قامت بأمور لم تقم بها، وهو على هذا الحال منذ أكثر من 30 سنة، ومع مرور الوقت أصبح أكثر قسوة من ذي قبل، لدرجة أن الحياة معه أصبحت لا تطاق.

الآن أمي صارت مرتعبة من تصرفاته ومن إيذائه لها بدنيا ولفظيا وتريد ترك المنزل إلى الأبد وتأتي إلى بيتي، فأنا أقطن بمدينة أخرى بعيدة، المشكلة أن أبي قال لها إذا ذهبت عند ابنتي فلن أرضى عنها أبدا (لن يرضى أبدا عني) ويمنعني من الدخول لمنزله.

وللإشارة كل أفراد عائلتنا تعلم بالأمر ولا أحد منهم يجرؤ على التحدث إليه من أجل إصلاح الأوضاع؛ مخافة ردة فعله العنيفة.

سؤالي هو: هل أغضب الله عندما تلجأ أمي إلي وأبي غير راض عني؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Hope حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الشرع أرشد إلى تأمين والدتك من المخاوف، واسترضاء والدك ومداراته، ثم شجعي والدتك على تفادي أسباب غضبه ولاطفيها وشجعيها.

ونذكر لك هنا قصة شاب جاء للإمام مالك وقال له: أمي تأمرني وأبي ينهاني، فقال له الإمام اطع أباك ولا تعص أمك، فالمداراة مطلوبة وهى أن تعاملي كل واحد منهما بما يقتضيه حاله، واحرصي على إسماع كل واحد منهما ما يرضيه، ولا تنقلي بينهم إلا الكلام الجميل والمشاعر النبيلة فأنت مصلحة، وأي إصلاح لذات البين أعظم من السعي في الإصلاح بين والديك.

أما إذا رفض الوالد وهددك بالغضب عليك فلن يضرك ذلك ما دمت ساعية إلى إرضائه، كرري المحاولات وقدمي حق الوالدة إذا كانت بالفعل تتأذى من الوالد، ولا تعتبري عاقة بالضوابط التي تمت الإشارة إليها.

ونتمنى أن تشجعي الوالدة على الصبر على الوالد، وذكريها بالثواب العظيم، وبأن العلاقة الزوجية طاعة لرب البرية، وابحثي عن الطرق التي يمكن أن تؤثري بها على الوالد فأنت أعرف الناس بطبائعه، وسوف نكون أعوانا لك في رسم خطة للعلاج، والتصحيح إذا وصلنا نماذج من المشكلات وإشارات حول نمط وخصائص شخصية الوالد وأسلوب الوالدة في التعامل معه.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بالمحافظة على العلاقة مع الطرفين فهذه والدة وذاك والد، واعلمي أن نجاحك في التوازن عامل من عوامل الاستقرار في بيت والدك، وذكرى الوالد والوالدة بما قاما به تجاهكم، وخوفي المقصر من المساءلة والحساب بين يدى الله، ولكن بمنتهى اللطف والأدب كما فعل الخليل عليه وعلى نبينا صلاة ربنا الجليل حيث ردد في لطف يا أبت يا أبت، وإذا نصحت للوالد أو الوالدة ولاحظت الغضب فتوقفي ثم أعيدي الكرة بعد أن تقدمي صنوفا من البر والإحسان، وصدق من قال:

أحسن إلى الناس تستعطف قلوبهم فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

علما بأن الإحسان للوالدين من واجبات الشريعة، وهذا الإحسان حق لهما في كل الأحوال وأمام كل الظروف.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يجعلك مصدر خير ووفاق لوالديك، ونبشرك بالخير الكثير، والأجر العظيم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً