الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القولون العصبي سبب لي أفكارا وسواسية، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أشكركم على موقعكم الرائع.

مشكلتي بدأت في شهر رمضان الفائت كان عندي غازات فظيعة، ونزلت في الوزن دون سبب، عندما ذهبت للطبيب شخص حالتي بالقولون العصبي، وكان عندي وخزات بالقلب، كنت خائفة جدا من أن أصاب بسرطان القولون، ووضعت في عقلي أنني مصابة به، وخفت من فكرة الموت، وأن أترك طفلي يتيما.

بعد فترة كنا مسافرين لقضاء عطلة الصيف في البحر، فرفضت الفكرة خوفا من حادث سيارة، وخوفا من فكرة الموت، وبالفعل حدث لنا حادث -والحمد لله- لم يحصل لنا شيئ، ولكن صار هذا الحادث نقطة تحول، فصرت أخاف السفر، وأخاف من ركوب السيارة، بعد فترة تجاوزتها، ولكن بقيت فكرة الموت تطاردني.

في شهر أكتوبر الفائت كنت في المطبخ أطبخ، رأيت السكين، فخفت على ابني مني، وقلت إنني سأقتله، وبقيت هذه الفكرة تلاحقني أصرخ وأبكي ولا تخرج من رأسي، حتى صرت أتخيل أنني فعلا سوف أفعلها، ويتخيل لي أني راضية، وأني لا أحب ابني.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

استشارتك هذه أيضًا وردتْ في استشارة أخرى رقم (400585) بعد اطلاعي عليها، أقول لك:
لديك ما نسمِّيه بالعوامل المرسِّبة، أي أنه لديك استعداد نفسي ربما يكونُ متعلِّقًا بالبناء النفسي لشخصيتك أو لأسباب دينية وراثية، استعدادك للخوف والقلق والوسوسة واضح جدًّا، وبعد ذلك تأتي العوامل المُهيئة –أي العوامل الحياتية– حتى وإن كانت بسيطة تُثير لديك القلق والخوف والوسوسة.

هذه الحالات يمكن أن تُعالج ويجب أن تُعالج، والعلاج ليس صعبًا أبدًا.

تشخيص الحالة هو: قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، والوساوس بالفعل مؤلمة للنفس خاصة حين تتمركز حول العنف -كما في حالتك، خوف إيذاء ابنك بالسكين- أو حول الدين أو حول الجنس.

محتوى الوساوس دائمًا قبيح، والوساوس الفكرية علاجها سهل، إذا ما قارنَّاها بوساوس الأفعال أو الطقوس الوسواسية.

إن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا حقّري هذا الوسواس وتجاهليه، وأْتِ بأفكارٍ مضادة له، واصرفي انتباهك عنه تمامًا، قولي لنفسك: (ابني في حفظ الله، وأنا أحبّه ولن أقوم بإيذائه أبدًا، هذا مجرد وسواس).

العلاج الدوائي مفيد جدًّا في مثل هذا النوع من الوساوس، والتبرير بأهمية الدواء يأتي من النظرية الكيميائية البيولوجية التي تتحدَّث أنه لدى مرضى الوساوس زيادة في حساسية الموصِّلات العصبية المتعلِّقة بتنظيم وإفراز مادة السيروتونين في الدماغ، ولذا هذه الحساسية يجب أن تخفض ويتم التحكّم فيها من خلال تناول الدواء.

أنت محتاجة لدواء واحد، وقطعًا عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال) سيكون دواءً مثاليًا بالنسبة لك، حيث إنه سليم وفاعل، ولا يُسبِّبُ الإدمان، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.

إن كان بالإمكان مقابلة الطبيب فاذهبي –كما ذكرتُ لك– وإن لم يكن ذلك ممكنًا فيمكنك الحصول على هذا الدواء من إحدى الصيدليات، ابدئي في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا– تناوليها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين يوميًا، ويمكن تناولهما مع بعضهما البعض، استمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

توجد أدوية أخرى مفيدة، لكن أعتقد أن السيرترالين هو الأفضل في حالتك، ولا تنسي التطبيقات السلوكية التي تقوم على مبدأ: تحقير الوسواس وتجاهله وعدم نقاشه أو الخوض والاسترسال فيه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول زهرة

    شكرا على اجابتكم رعاكم الله و حفظكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً