الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سر السعادة فى ثلاث

سر السعادة فى ثلاث

سر السعادة فى ثلاث

صارت السعادة بعيدة المنال، وكادت أن تنضم إلى قائمة المستحيلات، فملامح الاكتئاب تكسو الوجوه، والشباب الذين مازالوا فى مقتبل العمر، وأمامهم آمال عريضة ، شاخت نفوسهم ، وأصبحوا حين يُسألون عن السعادة يتنهدون بأسى ويسألون هم أيضًا: أية سعادة؟!

سألت بعض الشباب والفتيات: ما سر سعادتكم فاختلفت الإجابات لتبقى السعادة الحقيقية منحة إلهية لمن يستحق ويسعى ويرضى.


الحلم المستحيل

دينا فؤاد - كلية الآداب قسم لغات شرقية: أحقق حلمًا مستحيلاً أو صعبًا؛ لأن عبور المستحيل وتحدى الصعب يمنح الإنسان لذة الكفاح.

زينب عبد الحكيم - معهد التعاون الزراعى: أحس بالسعادة عندما أشعر أن الدنيا لازالت بخير وأن الناس من حولى قلوبهم على بعض ليس هناك حقد بين الناس أو كراهية.

كل ما أريد

ريهام عصام - ثانوية عامة - : السعادة بالنسبة لى هو أن أحصل على كل ما أريد.

أسماء أحمد إبراهيم - طالبة - دبلوم ثانوى تجارى: السعادة الحقيقية يجدها الإنسان عندما يجد الحب الحقيقى فى حياته، المهم أن يكون حبًا حقيقيًا.

وتتفق معها جهاد محمد - طالبة - دبلوم ثانوى تجارى - حيث تقول: أى سعادة أكبر من أن يجد الإنسان الشخص الذى يبادله الحب.


كيف أسعد والمسلمون يقتلون

يسأل عبد الله كمال الليثى - كلية التربية جامعة الأزهر: كيف أحس بالسعادة؟ وهناك من تغتصب أرضه، وتنتهك حرماته، ويهدم منزله فوقه فى فلسطين، كيف يحق لى أن أسعد، والعراق قد احتلها الأمريكان بعد حصار وحرب مريرة، أعتقد أن الشخص الذى حصل على السعادة الحقيقية هو الشخص الذى جاد بنفسه فى سبيل عقيدته ووطنه.

ويتفق معه هانى أحمد محمود - معهد فنى صناع - حيث يقول: أنا أعترض على كل إنسان مسلم يفتح قلبه للسعادة، فكيف نحس بالسعادة والإسلام والمسلمون يحاربون فى كل مكان فى فلسطين، والعراق وأفغانستان، ولذلك أشعر بالمرارة

هبة رأفت السيسى - طالبة بالثانوية العامة: أشعر بالسعادة عندما أنام وأنا متأكدة أن أبى وأمى راضيان عنى، وعندما أقوم بأداء فرائض ربى بانتظام.

الحزن هو الأصل

فاطمة فاروق - كلية الآداب قسم علم نفس: ترى أن ظروف حياتنا الآن لا تعطى لنا فرصة للإحساس بالسعادة، لذلك فإن السعادة أصبحت استثناء والحزن هو الأصل.

رانيا إبراهيم - ثانوية عامة: أشعر بالسعادة عندما أعتمد على نفسى، وعندما أشعر بحريتى دون وصاية من أحد.


لحظة صدق

دعاء محمد - كلية التجارة - إن لحظة سعادتى هى اللحظة التى أكون فيها صادقة مع نفسى؛ لأن هذه اللحظة تشعرنى بمدى قوتى.

نعمة سعيد يونس - ثانوية عامة: سعادتى مؤجلة حتى أحصل على شهادة الثانوية العامة، وأدخل الكلية التى أريدها.

الإيمان بالقدر

وعن الإحساس بالسعادة، وكيف رسم الإسلام للإنسان طريقه للعيش بسعادة؟

يقول د. محمد حسنى إبراهيم سليم - أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر - إن الإحساس بالسعادة يتطلب منا إدراك عدة أمور:

أولها: أن يؤمن الإنسان بالقدر خيره وشره، ويؤمن بأن ما يحدث له من أحداث أيًا كانت هذه الأحداث مقدره من الأزل، ولكن المهم ألا نرتكن إلى أن أقدارنا مقدرة من الأزل، فعلينا أن نأخذ بالأسباب مع إدراك أن السعى فى أيدينا، ولكن النتيجة فى يد خالقنا.

فمثلاً: الطالب قد يذاكر ويجتهد، ولكن فى النهاية يرسب فى الامتحان، فالطالب هنا قد سعى واجتهد وأخذ بأسباب النجاح، ولكن النتيجة بيدى الله سبحانه وتعالى، فعليه الرضاء والتسليم، وعدم الحزن؛ لأن هذا مقدر له، كما أن ذلك حدث لحكمة يعلمها الله، وفى هذا يقول المولى (عز وجل) فى سورة الحديد {ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور}.


فلكى يحس الإنسان بالسعادة عليه أن يرضى بما قسمه الله له، وعليه التسليم بأمر الله؛ لأنه لا يقع فى ملك الله شيء لا يريده.

لذلك فى كثير من الأوقات يريد الإنسان شيئًا محددًا، ويسعى لتحقيقه بشتى السبل، ويعتقد أن الخير فيه، وأن سعادته لن تكتمل إلا به، ولكن الله لا يحققه له، فيحزن ثم بعد ذلك يكتشف أن ما كان يريده بشدة هو شر له، وما أراده الله وقضاه هو الخير وفيه السعادة.

والحياة الإنسانية تزخر بالعديد من التجارب التى من خلالها يتضح هذا الأمر، وفى هذا يقول المولى عز وجل {وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}.


ويرى الدكتور سيد صبحى - أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس:

أن الإنسان يفكر كثيرًا فى أمر سعادته، وهناك من يتصور أنها قد تأتيه من جمع المال، أو المنصب، أو الدرجة العلمية، أو الوجاهة الاجتماعية، ولكن مفهوم السعادة أكبر من ذلك بكثير؛ لأن السعادة الحقيقية تعتمد على عدة أمور:

أولها: نقاء الضمير والإرادة الخيرة التى تجعل صاحبها مطمئنًا واثقًا بنفسه متجهًا إلى الله سبحانه وتعالى فى أقواله وأفعاله.

ثانيًا: السعادة فى التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.

ثالثًا: السعادة تواضع وقيمة وعشرة طيبة بين الإنسان والآخر.

ويوجد الكثير من الأحداث العالمية واليومية التى تسبب الاكتئاب، لذلك على الإنسان لكى يتغلب على هذه الضغوط والمشاكل التى تحيط به أن يبحث عن السعادة داخله، وسيجدها فى إيمانه بالله، ثم الرضا عن الذات وصحوة الضمير الأخلاقى.


سر السعادة فى ثلاث:

قال (صلى الله عليه وسلم): «من بات آمنًا فى سربه معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها».

إنه تلخيص بليغ لأسباب السعادة، أمن، عافية، قوت يوم، وتبقى الفجوة بين الامتلاك، والرضا، بين ما لدى الإنسان، وما يريده.

وقديمًا قالوا: الشيطان يمنيك بالمفقود، لتكره الموجود، ولكن الإنسان يظل باحثًا عن هذا المفقود حتى إذا ما امتلكه تحول إلى شقاء موجود، وإذا كانوا قد قالوا أيضًا: إذا لم تستطع أن تعمل ما تحب، فأحب ما تعمل، فإن السعادة أيضًا تتحقق حين يسعد الإنسان بما لديه حين يعجز عن الحصول على ما يتمنى.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة