الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي صاحب الجلالة

طفلي صاحب الجلالة

طفلي صاحب الجلالة

للطفل الصغير عالمه الخاص، وطريقة محدودة في التفكير، ومشاعر حساسة يستمد تدفقها وانسجامها من المحيطين حوله، وهو في كل هذا يجسد ذلك من خلال ما يسمى باللعب، الذي يعتبر سلوكا فطريا وحيويا في حياته، ومهارة مهمة لتكوين شخصيته التي تتناغم مع المرحلة العمرية التي يمر بها.

وطفل «الخمسة أعوام» طفل في مرحلة شديدة الخصوصية، بل إنها محطة فارقة في مرحلة الطفولة المبكرة، ولذلك فهي تحتاج منا كآباء ومربين إلى مزيد من التفهم لجوانبها، والإحاطة بأبعادها، كي نخرج منها بنتائج مرضية تضع الطفل على المراحل التالية بدون أزمات أو تعقيدات قد لا يحمد عقباها.

مفترق الطرق

تعد سن الخامسة مفترق الطرق في حياة الطفولة، فغالبا ما يميل الطفل في تلك المرحلة إلى التعلم من والديه المهارات المتنوعة، وخاصة التي تتعلق بمهنة الأب أو الأم، وتنتقل علاقته بالأشياء التي يتعلمها من مجرد لهو برئ وحب استطلاع إلى تقييم فوائدها الموضوعية في عالم الإنتاج والعمل، وتنتابه أحلام وآمال أن يكون صاحب حرفة يستطيع بوساطتها أن يحصل مستقبلا على مصدر للرزق والعمل الذي يؤهله لأن يكون مثل أبيه والبنت مثل أمها.

هنا إذا نجح الطفل في اكتساب بعض المهارات فإنه يشعر بالرضا عن نفسه، ويشعر بالقوة الناتجة عن قدرته على التحكم والحصول على المهارات، أما إذا فشل فإنه يشعر بالنقص الذي ربما يدفعه إلى أن يحن إلى ماضي الاستمتاع الأسري في المراحل السابقة «النكوص إلى الطفولة»!!.

لذلك ينبغي أن تتركز اهتمامات الوالدين في تلك المرحلة على مساعدة الطفل الحائر في تخطي صراعاته النفسية الداخلية بمنحه مزيدا من الإشباع ، ومنحه الراحة في أن يقرر بدون خوف، وكذلك يُمنح الدفء والحب في الأسرة، للسيطرة على الانفعالات في داخله، وفي تعامله مع الآخرين.

فالطفل لا يستطيع أن يقوم بالمهام بنفسه ودون مساعدة أبويه, إلا إذا كان يشعر بقدر من الأمان والطمأنينة, وهي مشاعر لن يحصل عليها إلا عن طريق الحب والحنان اللذين تمنحهما له الأسرة, مما يغذي ثقته بنفسه, ويدفعه نحو اكتشاف العالم من حوله.

لابد من التعامل مع طفل الخامسة على أنه صار مدركا جيدا لكل شيء يجري من حوله، وبالتالي فهو يتفهم القواعد والحدود وما هو مسموح وما هو غير مسموح، وهو في الوقت نفسه يمتعض من الإهمال والتهميش، ويحب أن يعبر دوما عن وجوده في هذا العالم المكتظ من حوله، بالعناد تارة أو الأنانية تارة أخرى، وهنا يأتي دور الأبوين في تنظيم وتصفية سلوكياته، ورسم الحدود بين المقبول وغير المقبول.

وتبقى الوسيلة الأفضل لتدعيم الذات هي عدم ترك الطفل يعاني الفراغ، وذلك من خلال توفير الألعاب المسلية والتعليمية في آن واحد، وينصح باختيار الألعاب التي تشجعه على التفكير والإبداع .. إن اللعب الموجه هو من أفضل أنواع اللعب، عندما يعطيه الكبير الفرصة والتشجيع عن قصد ووعي ودون تدخل مباشر، فهذا من شأنه أن يوسع مخيلته ويزيد حيويته .. دعه يلعب، وعلمه من خلال هذا اللعب.
الواقعية والخيال المحدود
عمر الخمس سنوات يعتبر مرحلة الواقعية والخيال المحدود بالبيئة لدى الطفل، يتبعها مرحلة الخيال الحر حتى سن الثامنة. فطفل الخمس سنوات تكون استنتاجاته سريعة وخاصة به، والتي قد لا تتفق مع منطق الكبار، وتدور أفكاره حول نفسه أكثر مما تدور حول تحقيق رغبات غيره. وهو لا يعتمد كثيرا على التفكير المعنوي بقدر اعتماده على التفكير بالمحسوسات.

لذلك فمن المفيد جدا القراءة لطفلك في هذه الفترة باستخدام القصص المصورة خاصة، لأن الطفل في هذا العمر بإمكانه أن يربط بين الأشياء الموجودة في الصورة وبين أحداثها المتعاقبة، كما تلعب الصور دورا مهما في جعل الطفل متآلف مع الكلمة المكتوبة.

ويفضل أن تكون القراءة بصوت عال ليمثل نشاطا مشتركا ومفيدا لنمو الطفل وتطور العلاقة بينكما، والتي تدعم مهارات التواصل عند الطفل، وتعرفه على الكثير من المفاهيم من حوله (القصص والأرقام والحروف والألوان والأشكال). بالإضافة إلى تنمية مهارات الطفل الخاصة بالذاكرة والمصطلحات اللغوية والتعرف على الأصوات، وتزويده بمعلومات عن العالم من حوله.

خصائص عامة

يعد عمر الخمس سنوات أوج مرحلة الطفولة المبكرة، التي تتميز بوتيرة نمو متسارعة وبخاصة النمو العقلي واللغوي، وزيادة الميل إلى الحرية، ومحاولة التعرف على البيئة المحيطة، وتكوين المفاهيم الاجتماعية، وبزوغ " الأنا " الأعلى، والتفرقة بين الصواب والخطأ والخير والشر، وبداية نمو الذات وازدياد وضوح الفوارق في الشخصية حتى تصبح واضحة المعالم في نهاية المرحلة عند سن السادسة.

وعموما نلحظ على الطفل مجموعة من الخصائص الهامة منها:

- ينمو ويكبر بسرعة ملحوظة خاصة البنات، الأمر الذي يتطلب من المربين الاهتمام البالغ بتغذية الطفل في هذه المرحلة، تغذية صحية متوازنة. كما أن الطفل في هذه المرحلة يتعرض بسهولة للإجهاد لأنه لا يستطيع أن يضع لنفسه حدودا للنشاط، مما يستلزم ملاحظته وتنظيم مواعيده في النوم.

- يستمر تحسن التناغم بين حركاته، وتزداد قدرة الطفل على التحكم في حركته، والتحكم في عملية الإخراج، ويجيد الاتزان في الحركة، والقدرة على التسلق والتزحلق والقفز والجري.
- يكتسب عادات حسنة في الأكل والنوم ودخول المرحاض لقضاء حاجته.

- إحساسه بالوقت وإدراكه للزمن يكون ضعيفا.
- لا يستطيع التركيز في انتباهه طويلا، بل ينقل انتباهه بسرعة.
- يكون نشيطاً جداً، وغالبا ما يبدأ بنشاطات لا يكملها دائماً، وقد يثير مشاجرات لا تدوم طويلاً.
- انفعالاته تصبح حادة وسريعة ولكنها لا تدوم طويلا، مع سرعة التقلب والانتقال من حالة الضحك إلى حالة البكاء، وكذلك صداقة الأطفال لبعضهم وعداواتهم لا تدوم طويلا، وتتغير وفقا للظروف.
- يتكلم بوضوح, يصبح خطيباً جيداً. يروي قصصاً, ويبالغ في رواياته. يستخدم كلمات مبتكرة ومضحكة للإشارة إلى دخول الحمام لقضاء حاجته. يخترع كلمات طويلة بلا معنى. ويمكن لطفل هذه المرحلة، أن يتعرف ويتقن مفردات لغته العربية خلال أناشيد وأشعار عربية سليمة.
- يسأل: «لماذا؟» و «كيف؟» .. وما أكثر ما يوجهه من الأسئلة للمحيطين به لإشباع نهمه للمعرفة وإثراء رصيده المعلوماتي لاستخدامه في اكتساب الخبرات في المستقبل وتفسيرها والتعامل معها. لذلك من الأهمية بمكان الحرص على إثراء معارف الطفل بطريقة مبسَّطة وصحيحة، ولتضمن له نمواً معرفياً سليماً، لأن تلقي الطفل في هذه المرحلة لأي معلومة خاطئة يصعب تغييرها لاحقاً، كما أن حرمانه من التعرض لهذه المعلومات والمفاهيم في هذه المرحلة يؤثر سلباً على نموه المعرفي.
- يعتمد على اكتساب الخبرة المباشرة عن طريق حواسه أكثر مما يعتمد على النصائح والتوجيهات الإنشائية المستقاة من الآخرين.
- ينمو وعيه بالانفصال والاستقلالية والرغبة الجامحة في استكشاف كل ما حوله والاتصال أكثر بالعالم الخارجي خاصة بعدما حملته قدماه ولم يعد يحتاج إلى أن يحمله أحد، بل إنه قد يخاطر في تنقله مخاطرة تفتح له آفاقاً جديدة للمعرفة، ويستطيع هنا استيعاب الظواهر الخارجية، وفيها يتعرف إلى خواص الأشياء وعلاقتها ببعضها البعض.

لهذا فتعزيز هذه النزعة الاستقلالية من الأهمية القصوى في تلك المرحلة، وذلك بعدم الإسراع بالتدخل أمام فشل الطفل في أنجاز عمل ما، لأن هذا من شأنه أن يحسسه بالعجز ويثر مكامن الغضب فيه، أيضا من المهم العمل في مجموعة حيث يعطى الطفل أسهل المهام ليقوم بها بنفسه، والتي من شأنها أن تعزز قدراته وتزيد ثقته الداخلية بذاته، فضلا عن أنها تتيح للأهل تقديم التوجيهات والإرشادات في صورة عملية مقبولة.

كل هذا لابد أن يتم في أجواء هادئة بعيدة عن الاستعجال والتسرع خاصة من قبل الوالدين، حيث أن الطفل بالطبع لا يمتلك من المهارات والسرعة مثل الكبير، ولذلك فالتحلي بالصبر هام جدا لمنحه مزيدا من الوقت لإنجاز ما هو مطلوب منه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة