إن شاء إن الله عليم حكيم وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله
عطف على جملة النهي . والمقصود من هذه الجملة : وعد المؤمنين بأن يغنيهم الله عن المنافع التي تأتيهم من المشركين حين كانوا يفدون إلى الحج فينفقون ويهدون الهدايا فتعود منهم منافع على أهل مكة وما حولها ، وقد أصبح أهلها مسلمين فلا جرم أن ما يرد إليها من رزق يعود على المؤمنين .
والعيلة : الاحتياج والفقر أي إن خطر في نفوسكم خوف الفقر من انقطاع الإمداد عنكم بمنع قبائل كثيرة من الحج فإن الله سيغنيكم عن ذلك . وقد أغناهم الله بأن هدى للإسلام أهل تبالة وجرش من بلاد اليمن ، فأسلموا عقب ذلك ، وكانت بلادهم بلاد خصب وزرع فحملوا إلى مكة الطعام والميرة ، وأسلم أيضا أهل جدة وبلدهم مرفأ ترد إليه الأقوات من مصر وغيرها ، فحملوا الطعام إلى مكة ، وأسلم أهل صنعاء من اليمن ، وبلدهم تأتيه السفن من أقاليم كثيرة من الهند وغيرها .
وقوله : ( إن شاء ) يفتح لهم باب الرجاء مع التضرع إلى الله في تحقيق وعده لأنه يفعل ما يشاء .
[ ص: 162 ] وقوله : إن الله عليم حكيم تعليل لقوله : وإن خفتم عيلة أي أن الله يغنيكم لأنه يعلم ما لكم من المنافع من وفادة القبائل ، فلما منعكم من تمكينهم من الحج لم يكن تاركا منفعتكم فقدر غناكم عنهم بوسائل أخرى علمها وأحكم تدبيرها .