المسألة التاسعة : قوله تعالى : { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } : هذه مسألة مشكلة ; لأن ليس كمن قتل الناس في الحقيقة ، وإنما سبيل هذا الكلام المجاز ، وله وجه وفائدة ; فأما وجه التشبيه فقد قال علماؤنا في ذلك أربعة أقوال : من قتل نفسا واحدة
الأول : أن معناه قتل نبيا ; لأن النبي من الخلق يعادل الخلق ، وكذلك الإمام العادل بعده ; قاله في النبي . ابن عباس
الثاني : أنه بمنزلة من قتل الناس جميعا عند المقتول ، إما لأنه فقد نفسه ، فلا يعنيه [ ص: 89 ] بقاء الخلق بعده ، وإما لأنه مأثوم ومخلد كمن قتل الناس جميعا على أحد القولين ، واختاره ، وإليه أشار مجاهد الطبري في الجملة ، وعكسه في الإحياء مثله .
الثالث : قد قال بعض المتأخرين : إن معناه يقتل بمن قتل ، كما لو قتل الخلق أجمعين ، ومن أحياها بالعفو فكأنما أحيا الناس أجمعين .
الرابع : أن على جميع الخلق ذم القاتل ، كما عليهم إذا عفا مدحه ، وكل واحد منهما مجاز . وبعضها أقرب من بعض .