وهي مدنية في قول الجمهور ، وقيل مكية .
وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : نزلت سورة لم يكن
بالمدينة .
وأخرج
ابن مردويه عن
عائشة قالت : نزلت سورة لم يكن
بمكة .
وأخرج
أبو نعيم في المعرفة عن
إسماعيل بن أبي حكيم المزني ، حدثني
فضل ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
إن الله يستمع قراءة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا فيقول : أبشر عبدي وعزتي وجلالي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى قال
ابن كثير : حديث غريب جدا .
وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12168أبو موسى المديني عن
مطر المزني ، أو المدني بنحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021881nindex.php?page=treesubj&link=31478قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب : إن الله أمرني أن أقرأ عليك nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا قال : وسماني لك ؟ قال : نعم . فبكى .
وأخرج
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13433وابن قانع في معجم الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
وابن مردويه عن
أبي حية البدري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021882لما نزلت nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب إلى آخرها قال جبريل : يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة ، فقال أبي : وقد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فبكى .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29069_28889لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه
المراد بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1الذين كفروا من أهل الكتاب اليهود والنصارى ، و المراد بـ المشركين مشركو العرب ، وهم عبدة الأوثان ، و منفكين خبر كان ، يقال فككت الشيء فانفك : أي انفصل ، والمعنى : أنهم لم يكونوا مفارقين لكفرهم ولا منتهين عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1حتى تأتيهم البينة وقيل الانفكاك بمعنى الانتهاء وبلوغ الغاية : أي لم يكونوا يبلغون نهاية أعمارهم فيموتوا حتى تأتيهم البينة ، وقيل منفكين : زائلين : أي لم تكن مدتهم لتزول حتى تأتيهم البينة ، يقال ما انفك فلان قائما : أي ما زال قائما ، وأصل الفك الفتح ، ومنه فك الخلخال .
وقيل منفكين بارحين : أي لم يكونوا ليبرحوا أو يفارقوا الدنيا حتى تأتيهم البينة .
وقال
ابن كيسان : المعنى
[ ص: 1643 ] لم يكن
أهل الكتاب تاركين صفة
محمد صلى الله عليه وسلم حتى يبعث ، فلما بعث حسدوه وجحدوه ، وهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به [ البقرة : 89 ] وعلى هذا فيكون قوله : والمشركين أنهم ما كانوا يسيئون القول في
محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعث ، فإنهم كانوا يسمونه الأمين ، فلما بعث عادوه وأساءوا القول فيه .
وقيل : منفكين هالكين ، من قولهم : انفك صلبه : أي انفصل فلم يلتئم فيهلك ، والمعنى : لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم .
وقيل إن المشركين هم
أهل الكتاب ، فيكون وصفا لهم لأنهم قالوا
المسيح ابن الله
وعزير ابن الله .
قال
الواحدي : ومعنى الآية إخبار الله تعالى عن الكفار أنهم لن ينتهوا عن كفرهم وشركهم بالله حتى أتاهم
محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن ، فبين لهم ضلالتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإيمان ، وهذا بيان عن النعمة والإنقاذ به من الجهل والضلالة والآية في من آمن من الفريقين .
قال : وهذه الآية من أصعب ما في القرآن نظما وتفسيرا ، وقد تخبط فيها الكبار من العلماء ، وسلكوا في تفسيرها طرقا لا تفضي بهم إلى الصواب .
والوجه ما أخبرتك فاحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال .
قال : ويدل على أن البينة
محمد صلى الله عليه وسلم أنه فسرها وأبدل منها فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة يعني ما تتضمنه الصحف من المكتوب فيها ، وهو القرآن ، ويدل على ذلك أنه كان يتلو عن ظهر قلبه ، لا عن كتاب . انتهى كلامه .
وقيل إن الآية حكاية لما كان يقوله
أهل الكتاب والمشركون إنهم لا يفارقون دينهم حتى يبعث النبي الموعود به ، فلما بعث تفرقوا كما حكاه الله عنهم في هذه السورة .
والبينة على ما قاله الجمهور هو
محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه في نفسه بينة وحجة ولذلك سماه سراجا منيرا .
وقد فسر الله سبحانه هذه البينة المجملة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله فاتضح الأمر وتبين أنه المراد بالبينة .
وقال
قتادة ،
وابن زيد : البينة هي القرآن كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى [ طه : 133 ] وقال
أبو مسلم : المراد بالبينة مطلق الرسل ، والمعنى : حتى تأتيهم رسل من الله ، وهم الملائكة يتلون عليهم صحفا مطهرة ، والأول أولى .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " لم يكن المشركون
وأهل الكتاب " قال
ابن العربي : وهي قراءة في معرض البيان ، لا في معرض التلاوة .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ،
والنخعي : " والمشركون " بالرفع عطفا على الموصول .
وقرأ
أبي " فما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركون " .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله برفع " رسول " على أنه بدل كل من كل مبالغة ، أو بدل اشتمال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : رسول رفع على البدل من البينة .
وقال
الفراء : رفع على أنه خبر مبتدأ مضمر : أي هي رسول أو هو رسول .
وقرأ
أبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود " رسولا " بالنصب على القطع ، وقوله : من الله متعلق بمحذوف هو صفة لرسول : أي كائن من الله ، ويجوز تعلقه بنفس رسول ، وجوز
أبو البقاء أن يكون حالا من صحف ، والتقدير : يتلو صحفا مطهرة منزلة من الله ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2يتلو صحفا مطهرة يجوز أن تكون صفة أخرى لرسول ، أو حالا من متعلق الجار والمجرور قبله .
ومعنى يتلو : يقرأ ، يقال تلا يتلو تلاوة ، والصحف جمع صحيفة ، وهي ظرف المكتوب ، ومعنى مطهرة : أنها منزهة من الزور والضلال .
قال
قتادة : مطهرة من الباطل ، وقيل مطهرة من الكذب والشبهات والكفر ، والمعنى واحد ، والمعنى : أنه يقرأ ما تتضمنه الصحف من المكتوب فيها لأنه كان صلى الله عليه وسلم يتلو عن ظهر قلبه ، لا عن كتاب كما تقدم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة صفة ل صحفا أو حال من ضميرها ، والمراد الآيات والأحكام المكتوبة فيها ، والقيمة المستقيمة المستوية المحكمة ، من قول العرب : قام الشيء : إذا استوى وصح .
وقال صاحب النظم : الكتب بمعنى الحكم كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=21كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [ المجادلة : 21 ] أي حكم ، وقوله صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف : لأقضين بينكما بكتاب الله ثم قضى بالرجم ، وليس الرجم في كتاب الله ، فالمعنى : لأقضين بينكما بحكم الله ، وبهذا يندفع ما قيل إن الصحف هي الكتب ، فكيف قال
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وقال
الحسن : يعني بالصحف المطهرة التي في السماء ، يعني في اللوح المحفوظ كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ [ البروج : 22 ، 21 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة هذه الجملة مستأنفة لتوبيخ
أهل الكتاب وتقريعهم ، وبيان أن ما نسب إليهم من عدم الانفكاك لم يكن لاشتباه الأمر ، بل كان بعد وضوح الحق وظهور الصواب .
قال المفسرون : لم يزل
أهل الكتاب مجتمعين حتى بعث الله
محمدا ، فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا ، فآمن به بعضهم وكفر آخرون .
وخص
أهل الكتاب ، وإن كان غيرهم مثلهم في التفرق بعد مجيء البينة لأنهم كانوا أهل علم ، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب له أدخل في هذا الوصف ، والاستثناء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4إلا من بعد ما جاءتهم البينة مفرغ من أعم الأوقات : أي وما تفرقوا في وقت من الأوقات إلا من بعد ما جاءتهم الحجة الواضحة ، وهي بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشريعة الغراء والمحجة البيضاء .
وقيل : البينة : البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم [ آل عمران : 19 ] قال
القرطبي : قال العلماء : من أول السورة إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3كتب قيمة حكمها فيمن آمن من
أهل الكتاب والمشركين .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق إلخ فيمن لم يؤمنوا من
أهل الكتاب والمشركين بعد قيام الحجج .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله في محل نصب على الحال مفيدة لتقريعهم وتوبيخهم بما فعلوا من التفرق بعد مجيء البينة : أي والحال أنهم ما أمروا في كتبهم إلا لأجل أن يعبدوا الله ويوحدوه حال كونهم
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5مخلصين له الدين أي جاعلين دينهم خالصا له سبحانه أو جاعلين أنفسهم خالصة له في الدين ، وقيل إن اللام في ليعبدوا بمعنى أن : أي ما أمروا إلا
[ ص: 1644 ] بأن يعبدوا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=26يريد الله ليبين لكم [ النساء : 26 ] أي أن يبين ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله [ الصف : 8 ] أي أن يطفئوا .
قرأ الجمهور مخلصين بكسر اللام .
وقرأ
الحسن بفتحها .
وهذه الآية من الأدلة الدالة على
nindex.php?page=treesubj&link=28287وجوب النية في العبادات لأن الإخلاص من عمل القلب ، وانتصاب حنفاء على الحال من ضمير مخلصين ، فتكون من باب التداخل ، ويجوز أن تكون من فاعل يعبدوا ، والمعنى : مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام .
قال أهل اللغة : أصله أن يحنف إلى دين الإسلام : أي يميل إليه
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي يفعلوا الصلوات في أوقاتها ، ويعطوا الزكاة عند محلها ، وخص الصلاة والزكاة لأنهما من أعظم أركان الدين .
قيل إن أريد بالصلاة والزكاة ما في شريعة
أهل الكتاب من الصلاة والزكاة فالأمر ظاهر ، وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في الكتابين أمرهم باتباع شريعتنا ، وهما من جملة ما وقع الأمر به فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وذلك دين القيمة أي وذلك المذكور من عبادة الله وإخلاصها وإقامة الصلاة والزكاة
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5دين القيمة أي دين الملة المستقيمة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي ذلك دين الملة المستقيمة ، فالقيمة صفة لموصوف محذوف .
قال
الخليل : القيمة جمع القيم ، والقيم : القائم .
قال
الفراء : أضاف الدين إلى القيمة ، وهو نعته لاختلاف اللفظين .
وقال أيضا : هو من إضافة الشيء إلى نفسه ، ودخلت الهاء للمدح والمبالغة .
ثم بين سبحانه حال الفريقين في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم الموصول اسم إن ، والمشركين معطوف عليه ، وخبرها في نار جهنم و خالدين فيها حال من المستكن في الخبر ، ويجوز أن يكون قوله والمشركين مجرورا عطفا على
أهل الكتاب . ومعنى كونهم في نار جهنم أنهم يصيرون إليها يوم القيامة ، والإشارة بقوله : أولئك إلى من تقدم ذكرهم من
أهل الكتاب والمشركين المتصفين بالكون في نار جهنم والخلود فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6هم شر البرية أي الخليقة ، يقال برأ : أي خلق ، والبارئ الخالق ، والبرية الخليقة .
قرأ الجمهور البرية بغير همز في الموضعين وقرأ
نافع وابن ذكوان فيهما بالهمز .
قال
الفراء : إن أخذت البرية من البراء وهو التراب لم تدخل الملائكة تحت هذا اللفظ ، وإن أخذتها من بريت القلم : أي قدرته دخلت .
وقيل إن الهمز هو الأصل لأنه يقال برأ الله الخلق بالهمز : أي ابتدعه واخترعه ومنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22من قبل أن نبرأها [ الحديد : 22 ] ولكنها خففت الهمزة ، والتزم تخفيفها عند عامة العرب .
ثم بين حال الفريق الآخر فقال : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح أولئك المنعوتون بهذا
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7هم خير البرية قال : والمراد أن أولئك شر البرية في عصره صلى الله عليه وسلم ، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم من هو شر منهم ، وهؤلاء خير البرية في عصره صلى الله عليه وسلم ، ولا يبعد أن يكون في مؤمني الأمم السابقة من هو خير منهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جزاؤهم عند ربهم أي ثوابهم عند خالقهم بمقابلة ما وقع منهم من الإيمان والعمل الصالح جنات عدن تجري من تحتها الأنهار والمراد بجنات عدن هي أوسط الجنات وأفضلها ، يقال عدن بالمكان يعدن عدنا : أي أقام ، ومعدن الشيء : مركزه ومستقره ، ومنه قول
الأعشى :
وإن يتضافوا إلى علمه يضافوا إلى راجح قد عدن
وقد قدمنا في غير موضع أنه إن أريد بالجنات الأشجار الملتفة ، فجريان الأنهار من تحتها ظاهر ، وإن أريد مجموع قرار الأرض والشجر ، فجري الأنهار من تحتها باعتبار جزئها الظاهر ، وهو الشجر خالدين فيها أبدا لا يخرجون منها ولا يظعنون عنها ، بل هم دائمون في نعيمها مستمرون في لذاتها رضي الله عنهم ورضوا عنه الجملة مستأنفة لبيان ما تفضل الله به عليهم من الزيادة على مجرد الجزاء ، وهو رضوانه عنهم حيث أطاعوا أمره وقبلوا شرائعه ، ورضاهم عنه حيث بلغوا من المطالب ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
ويجوز أن تكون الجملة خبرا ثانيا ، وأن تكون في محل نصب على الحال بإضمار قد
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذلك لمن خشي ربه أي ذلك الجزاء والرضوان لمن وقعت منه الخشية لله سبحانه في الدنيا وانتهى عن معاصيه بسبب تلك الخشية التي وقعت له لا مجرد الخشية مع الانهماك في معاصي الله سبحانه فإنها ليست بخشية على الحقيقة .
وقد أخرج
ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله : منفكين قال : برحين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
أتعجبون من منزلة الملائكة من الله ، والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة أعظم من منزلة ملك ، واقرأوا إن شئتم nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية .
وأخرج
ابن مردويه عن
عائشة قالت :
قلت : يا رسول الله من أكرم الخلق على الله ؟ قال : يا عائشة أما تقرئين nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ، ونزلت nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية فكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا أقبل قالوا : قد جاء خير البرية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
أبي سعيد مرفوعا
علي خير البرية .
وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
لما نزلت هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين .
وأخرج
ابن مردويه عن
علي مرفوعا نحوه .
وأخرج
أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021888ألا أخبركم بخير البرية ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما كانت هيعة استوى عليه ، ألا أخبركم بشر البرية ؟ قالوا بلى ، [ ص: 1645 ] قال : الذي يسأل بالله ولا يعطي به .
قال
أحمد : حدثنا
إسحاق بن عيسى ، حدثنا
أبو معشر عن
أبي وهب مولى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره .
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ ، وَقِيلَ مَكِّيَّةٌ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نَزَلَتْ سُورَةُ لَمْ يَكُنْ
بِالْمَدِينَةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : نَزَلَتْ سُورَةُ لَمْ يَكُنْ
بِمَكَّةَ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْمُزَنِيِّ ، حَدَّثَنِي
فَضْلٌ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
إِنَّ اللَّهَ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُ : أَبْشِرْ عَبْدِي وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُمْكِنَنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى تَرْضَى قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا .
وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12168أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ عَنْ
مَطَرٍ الْمُزَنِيِّ ، أَوِ الْمَدَنِيِّ بِنَحْوِهِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021881nindex.php?page=treesubj&link=31478قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=34لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ : وَسَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَبَكَى .
وَأَخْرَجَ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13433وَابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
أَبِي حَيَّةَ الْبَدْرِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021882لَمَّا نَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى آخِرِهَا قَالَ جِبْرِيلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ : إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ ، فَقَالَ أُبَيٌّ : وَقَدْ ذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَبَكَى .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29069_28889لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ
الْمُرَادُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَ الْمُرَادُ بِـ الْمُشْرِكِينَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ ، وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ ، وَ مُنْفَكِّينَ خَبَرُ كَانَ ، يُقَالُ فَكَكْتُ الشَّيْءَ فَانْفَكَّ : أَيِ انْفَصَلَ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُفَارِقِينَ لِكُفْرِهِمْ وَلَا مُنْتَهِينَ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ وَقِيلَ الِانْفِكَاكُ بِمَعْنَى الِانْتِهَاءِ وَبُلُوغِ الْغَايَةِ : أَيْ لَمْ يَكُونُوا يَبْلُغُونَ نِهَايَةَ أَعْمَارِهِمْ فَيَمُوتُوا حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ، وَقِيلَ مُنْفَكِّينَ : زَائِلِينَ : أَيْ لَمْ تَكُنْ مُدَّتُهُمْ لِتَزُولَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ، يُقَالُ مَا انْفَكَّ فُلَانٌ قَائِمًا : أَيْ مَا زَالَ قَائِمًا ، وَأَصْلُ الْفَكِّ الْفَتْحُ ، وَمِنْهُ فَكُّ الْخَلْخَالِ .
وَقِيلَ مُنْفَكِّينَ بَارِحِينَ : أَيْ لَمْ يَكُونُوا لِيَبْرَحُوا أَوْ يُفَارِقُوا الدُّنْيَا حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ .
وَقَالَ
ابْنُ كَيْسَانَ : الْمَعْنَى
[ ص: 1643 ] لَمْ يَكُنْ
أَهْلُ الْكِتَابِ تَارِكِينَ صِفَةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُبْعَثَ ، فَلَمَّا بُعِثَ حَسَدُوهُ وَجَحَدُوهُ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [ الْبَقَرَةِ : 89 ] وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ : وَالْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يُسِيئُونَ الْقَوْلَ فِي
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بُعِثَ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَهُ الْأَمِينَ ، فَلَمَّا بُعِثَ عَادَوْهُ وَأَسَاءُوا الْقَوْلَ فِيهِ .
وَقِيلَ : مُنْفَكِّينَ هَالِكِينَ ، مِنْ قَوْلِهِمُ : انْفَكَّ صُلْبُهُ : أَيِ انْفَصَلَ فَلَمْ يَلْتَئِمْ فَيَهْلِكُ ، وَالْمَعْنَى : لَمْ يَكُونُوا مُعَذَّبِينَ وَلَا هَالِكِينَ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ .
وَقِيلَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ ، فَيَكُونُ وَصْفًا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ
وَعُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ .
قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَمَعْنَى الْآيَةِ إِخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ لَنْ يَنْتَهُوا عَنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ حَتَّى أَتَاهُمْ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ ، فَبَيَّنَ لَهُمْ ضَلَالَتَهُمْ وَجَهَالَتَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ ، وَهَذَا بَيَانٌ عَنِ النِّعْمَةِ وَالْإِنْقَاذِ بِهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالَةِ وَالْآيَةُ فِي مَنْ آمَنَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ .
قَالَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَصْعَبِ مَا فِي الْقُرْآنِ نَظْمًا وَتَفْسِيرًا ، وَقَدْ تَخَبَّطَ فِيهَا الْكِبَارُ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَسَلَكُوا فِي تَفْسِيرِهَا طُرُقًا لَا تُفْضِي بِهِمْ إِلَى الصَّوَابِ .
وَالْوَجْهُ مَا أَخْبَرْتُكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ إِذْ أَتَاكَ بَيَانُهَا مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ وَلَا إِشْكَالٍ .
قَالَ : وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَسَّرَهَا وَأُبْدِلَ مِنْهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً يَعْنِي مَا تَتَضَمَّنُهُ الصُّحُفُ مِنَ الْمَكْتُوبِ فِيهَا ، وَهُوَ الْقُرْآنُ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتْلُو عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ ، لَا عَنْ كِتَابٍ . انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقِيلَ إِنَّ الْآيَةَ حِكَايَةٌ لِمَا كَانَ يَقُولُهُ
أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكُونَ إِنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ دِينَهُمْ حَتَّى يُبْعَثَ النَّبِيُّ الْمَوْعُودُ بِهِ ، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ هُوَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ بَيِّنَةٌ وَحُجَّةٌ وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ سِرَاجًا مُنِيرًا .
وَقَدْ فَسَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ الْمُجْمَلَةَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ فَاتَّضَحَ الْأَمْرُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : الْبَيِّنَةُ هِيَ الْقُرْآنُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى [ طه : 133 ] وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مُطْلَقُ الرُّسُلِ ، وَالْمَعْنَى : حَتَّى تَأْتِيَهُمْ رُسُلٌ مِنَ اللَّهِ ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ صُحُفًا مُطَهَّرَةً ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ " لَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ
وَأَهْلُ الْكِتَابِ " قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهِيَ قِرَاءَةٌ فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ ، لَا فِي مَعْرِضِ التِّلَاوَةِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ ،
وَالنَّخَعِيُّ : " وَالْمُشْرِكُونَ " بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْمَوْصُولِ .
وَقَرَأَ
أُبَيٌّ " فَمَا كَانَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكُونَ " .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بِرَفْعِ " رَسُولٍ " عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ مُبَالَغَةً ، أَوْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : رَسُولٌ رُفِعَ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْبَيِّنَةِ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : رُفِعَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ : أَيْ هِيَ رَسُولٌ أَوْ هُوَ رَسُولٌ .
وَقَرَأَ
أُبَيٌّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ " رَسُولًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْقَطْعِ ، وَقَوْلُهُ : مِنَ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صِفَةٌ لِرَسُولٍ : أَيْ كَائِنٌ مِنَ اللَّهِ ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِنَفْسِ رَسُولٍ ، وَجَوَّزَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ صُحُفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً مُنَزَّلَةً مِنَ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً أُخْرَى لِرَسُولٍ ، أَوْ حَالًا مِنْ مُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ .
وَمَعْنَى يَتْلُو : يَقْرَأُ ، يُقَالُ تَلَا يَتْلُو تِلَاوَةً ، وَالصُّحُفُ جَمْعُ صَحِيفَةٍ ، وَهِيَ ظَرْفُ الْمَكْتُوبِ ، وَمَعْنَى مُطَهَّرَةً : أَنَّهَا مُنَزَّهَةٌ مِنَ الزُّورِ وَالضَّلَالِ .
قَالَ
قَتَادَةُ : مُطَهَّرَةٌ مِنَ الْبَاطِلِ ، وَقِيلَ مُطَهَّرَةٌ مِنَ الْكَذِبِ وَالشُّبُهَاتِ وَالْكُفْرِ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يَقْرَأُ مَا تَتَضَمَّنُهُ الصُّحُفُ مِنَ الْمَكْتُوبِ فِيهَا لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ ، لَا عَنْ كِتَابٍ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ صِفَةٌ لِ صُحُفًا أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهَا ، وَالْمُرَادُ الْآيَاتُ وَالْأَحْكَامُ الْمَكْتُوبَةُ فِيهَا ، وَالْقِيمَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمَحْكَمَةُ ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ : قَامَ الشَّيْءُ : إِذَا اسْتَوَى وَصَحَّ .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : الْكُتُبُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=21كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [ الْمُجَادَلَةِ : 21 ] أَيْ حَكَمَ ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ : لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَضَى بِالرَّجْمِ ، وَلَيْسَ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَالْمَعْنَى : لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ إِنَّ الصُّحُفَ هِيَ الْكُتُبُ ، فَكَيْفَ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَقَالَ
الْحَسَنُ : يَعْنِي بِالصُّحُفِ الْمُطَهَّرَةِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ ، يَعْنِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [ الْبُرُوجِ : 22 ، 21 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَوْبِيخِ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَقْرِيعِهِمْ ، وَبَيَانِ أَنَّ مَا نُسِبَ إِلَيْهِمْ مِنْ عَدَمِ الِانْفِكَاكِ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ ، بَلْ كَانَ بَعْدَ وُضُوحِ الْحَقِّ وَظُهُورِ الصَّوَابِ .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : لَمْ يَزَلْ
أَهْلُ الْكِتَابِ مُجْتَمِعِينَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا ، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِهِ وَاخْتَلَفُوا ، فَآمَنَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَكَفَرَ آخَرُونَ .
وَخَصَّ
أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي التَّفَرُّقِ بَعْدَ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ عِلْمٍ ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا كَانَ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أُدْخِلَ فِي هَذَا الْوَصْفِ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَوْقَاتِ : أَيْ وَمَا تَفَرَّقُوا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ ، وَهِيَ بَعْثَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ وَالْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ .
وَقِيلَ : الْبَيِّنَةُ : الْبَيَانُ الَّذِي فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ [ آلِ عِمْرَانَ : 19 ] قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3كُتُبٌ قَيِّمَةٌ حُكْمُهَا فِيمَنْ آمَنَ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ إِلَخْ فِيمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَجِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مُفِيدَةٌ لِتَقْرِيعِهِمْ وَتَوْبِيخِهِمْ بِمَا فَعَلُوا مِنَ التَّفَرُّقِ بَعْدَ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ مَا أُمِرُوا فِي كُتُبِهِمْ إِلَّا لِأَجْلِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَيُوَحِّدُوهُ حَالَ كَوْنِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أَيْ جَاعِلِينَ دِينَهُمْ خَالِصًا لَهُ سُبْحَانَهُ أَوْ جَاعِلِينَ أَنْفُسَهُمْ خَالِصَةً لَهُ فِي الدِّينِ ، وَقِيلَ إِنَّ اللَّامَ فِي لِيَعْبُدُوا بِمَعْنَى أَنْ : أَيْ مَا أُمِرُوا إِلَّا
[ ص: 1644 ] بِأَنْ يَعْبُدُوا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=26يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [ النِّسَاءِ : 26 ] أَيْ أَنْ يُبَيِّنَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ [ الصَّفِّ : 8 ] أَيْ أَنْ يُطْفِئُوا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُخْلِصِينَ بِكَسْرِ اللَّامِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ بِفَتْحِهَا .
وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28287وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ ، وَانْتِصَابُ حُنَفَاءَ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ مُخْلِصِينَ ، فَتَكُونُ مِنْ بَابِ التَّدَاخُلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ فَاعِلِ يَعْبُدُوا ، وَالْمَعْنَى : مَائِلِينَ عَنِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : أَصْلُهُ أَنْ يَحْنِفَ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ : أَيْ يَمِيلَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ أَيْ يَفْعَلُوا الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا ، وَيُعْطُوا الزَّكَاةَ عِنْدَ مَحَلِّهَا ، وَخَصَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الدِّينِ .
قِيلَ إِنْ أُرِيدَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا فِي شَرِيعَةِ
أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ أُرِيدَ مَا فِي شَرِيعَتِنَا فَمَعْنَى أَمَرَهُمْ بِهِمَا فِي الْكِتَابَيْنِ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِ شَرِيعَتِنَا ، وَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أَيْ وَذَلِكَ الْمَذْكُورُ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَإِخْلَاصِهَا وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5دِينُ الْقَيِّمَةِ أَيْ دِينُ الْمِلَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَيْ ذَلِكَ دِينُ الْمِلَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ ، فَالْقَيِّمَةُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ .
قَالَ
الْخَلِيلُ : الْقَيِّمَةُ جَمْعُ الْقَيِّمِ ، وَالْقَيِّمُ : الْقَائِمُ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْقَيِّمَةِ ، وَهُوَ نَعْتُهُ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ .
وَقَالَ أَيْضًا : هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ ، وَدَخَلَتِ الْهَاءُ لِلْمَدْحِ وَالْمُبَالَغَةِ .
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ بَيَانِ حَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ الْمَوْصُولُ اسْمُ إِنَّ ، وَالْمُشْرِكِينَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ، وَخَبَرُهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَ خَالِدِينَ فِيهَا حَالٌ مِنَ الْمُسْتَكِنِّ فِي الْخَبَرِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَالْمُشْرِكِينَ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى
أَهْلِ الْكِتَابِ . وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ إِلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ الْمُتَّصِفِينَ بِالْكَوْنِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَالْخُلُودِ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أَيِ الْخَلِيقَةِ ، يُقَالُ بَرَأَ : أَيْ خَلَقَ ، وَالْبَارِئُ الْخَالِقُ ، وَالْبَرِيَّةُ الْخَلِيقَةُ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ الْبَرِيَّةِ بِغَيْرِ هَمْزٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ فِيهِمَا بِالْهَمْزِ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : إِنْ أَخَذْتَ الْبَرِيَّةَ مِنَ الْبَرَاءِ وَهُوَ التُّرَابُ لَمْ تَدْخُلِ الْمَلَائِكَةُ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ ، وَإِنْ أَخَذْتَهَا مَنْ بَرَيْتُ الْقَلَمَ : أَيْ قَدَرْتُهُ دَخَلَتْ .
وَقِيلَ إِنَّ الْهَمْزَ هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ يُقَالُ بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ بِالْهَمْزِ : أَيِ ابْتَدَعَهُ وَاخْتَرَعَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [ الْحَدِيدِ : 22 ] وَلَكِنَّهَا خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ ، وَالْتُزِمَ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعَرَبِ .
ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ فَقَالَ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَيْ جَمَعُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أُولَئِكَ الْمَنْعُوتُونَ بِهَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قَالَ : وَالْمُرَادُ أَنَّ أُولَئِكَ شَرُّ الْبَرِيَّةِ فِي عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي كُفَّارِ الْأُمَمِ مَنْ هُوَ شَرُّ مِنْهُمْ ، وَهَؤُلَاءِ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فِي عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي مُؤْمِنِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَيْ ثَوَابُهُمْ عِنْدَ خَالِقِهِمْ بِمُقَابَلَةِ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالْمُرَادُ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ هِيَ أَوْسَطُ الْجَنَّاتِ وَأَفْضَلُهَا ، يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدُنُ عَدْنًا : أَيْ أَقَامَ ، وَمَعْدِنُ الشَّيْءِ : مَرْكَزُهُ وَمُسْتَقَرُّهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
وَإِنْ يَتَضَافُوا إِلَى عِلْمِهِ يُضَافُوا إِلَى رَاجِحٍ قَدْ عَدَنْ
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْجَنَّاتِ الْأَشْجَارُ الْمُلْتَفَّةُ ، فَجَرَيَانُ الْأَنْهَارِ مِنْ تَحْتِهَا ظَاهِرٌ ، وَإِنْ أُرِيدَ مَجْمُوعُ قَرَارِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ ، فَجَرْيُ الْأَنْهَارِ مِنْ تَحْتِهَا بِاعْتِبَارِ جُزْئِهَا الظَّاهِرِ ، وَهُوَ الشَّجَرُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا ، بَلْ هُمْ دَائِمُونَ فِي نَعِيمِهَا مُسْتَمِرُّونَ فِي لَذَّاتِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ مَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى مُجَرَّدِ الْجَزَاءِ ، وَهُوَ رِضْوَانُهُ عَنْهُمْ حَيْثُ أَطَاعُوا أَمْرَهُ وَقَبِلُوا شَرَائِعَهُ ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ حَيْثُ بَلَغُوا مِنَ الْمَطَالِبِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ خَبَرًا ثَانِيًا ، وَأَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ بِإِضْمَارِ قَدْ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أَيْ ذَلِكَ الْجَزَاءُ وَالرِّضْوَانُ لِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ الْخَشْيَةُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا وَانْتَهَى عَنْ مَعَاصِيهِ بِسَبَبِ تِلْكَ الْخَشْيَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ لَا مُجَرَّدِ الْخَشْيَةِ مَعَ الِانْهِمَاكِ فِي مَعَاصِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِخَشْيَةٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : مُنْفَكِّينَ قَالَ : بَرِحِينَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
أَتَعْجَبُونَ مِنْ مَنْزِلَةِ الْمَلَائِكَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنْزِلَةُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ مَنْزِلَةِ مَلَكٍ ، وَاقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : يَا عَائِشَةُ أَمَا تَقْرَئِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :
كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ هَذَا وَشِيعَتَهُ لَهُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَنَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فَكَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَ قَالُوا : قَدْ جَاءَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابْنُ عَدِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا
عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : هُوَ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
عَلِيٍّ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
أَحْمَدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021888أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الْبَرِيَّةِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : رَجُلٌ أَخَذَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّمَا كَانَتْ هَيْعَةٌ اسْتَوَى عَلَيْهِ ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ الْبَرِيَّةِ ؟ قَالُوا بَلَى ، [ ص: 1645 ] قَالَ : الَّذِي يَسْأَلُ بِاللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ .
قَالَ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا
أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ
أَبِي وَهْبٍ مَوْلَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ .