قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ( 37 ) ) القول في تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " قال " زكريا : " يامريم أنى لك هذا ؟ من أي وجه لك هذا الذي أرى عندك من الرزق ؟ قالت مريم مجيبة له : " هو من عند الله تعني : أن الله هو الذي رزقها ذلك فساقه إليها وأعطاها .
وإنما كان زكريا يقول ذلك لها ؛ لأنه كان - فيما ذكر لنا - يغلق عليها سبعة أبواب ، ويخرج . ثم يدخل عليها فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء . فكان يعجب مما يرى من ذلك ، ويقول لها تعجبا مما يرى : " أنى لك هذا " ؟ فتقول : من عند الله .
6937 - حدثني بذلك المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع .
6938 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : حدثني بعض أهل العلم ، فذكر نحوه .
6939 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله " قال : فإنه وجد عندها الفاكهة الغضة حين لا توجد الفاكهة [ ص: 359 ] عند أحد ، فكان زكريا يقول : " يا مريم أنى لك هذا " ؟
وأما قوله : " الله يرزق من يشاء بغير حساب إن " فخبر من الله أنه يسوق إلى من يشاء من خلقه رزقه ، بغير إحصاء ولا عدد يحاسب عليه عبده . لأنه - جل ثناؤه - لا ينقص سوقه ذلك إليه كذلك خزائنه ، ولا يزيد إعطاؤه إياه ، ومحاسبته عليه في ملكه ، وفيما لديه شيئا ، ولا يعزب عنه علم ما يرزقه ، وإنما يحاسب من يعطي ما يعطيه ، من يخشى النقصان من ملكه ، ودخول النفاد عليه بخروج ما خرج من عنده بغير حساب معروف ، ومن كان جاهلا بما يعطى على غير حساب .