هو الإمام العلامة المحدث الحافظ المفتي ، شيخ الإسلام شرف المعمرين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني .
[ ص: 6 ] ويلقب جده أحمد سلفة ، وهو الغليظ الشفة ، وأصله بالفارسية سلبة ، وكثيرا ما يمزجون الباء بالفاء فالسلفي مستفاد مع السلفي -بفتحتين- وهو من كان على مذهب السلف ، ومنهم : أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله السرخسي يروي عن أبي الفتيان الرواسي .
والسلفي -بضم ثم فتح- قيس بن الحجاج السلفي ، ورافع بن عقيب ، ومحمد بن خالد بن خلي ، وعبد الله بن عبد الأعلى ، وأبو الأخيل من ذرية سلف بن يقطن ، وهم بطن من الكلاع ، والكلاع قبيلة من حمير .
وبكسر وسكون : إسماعيل بن عباد السلفي القطان ، عن عباد الرواجني منسوب إلى درب السلفي ، وهو من قطيعة الربيع ببغداد .
وبفتحتين وقاف : أبو عمرو أحمد بن روح السلقي ، هجاه البحتري .
[ ص: 7 ] وبزيادة ياء : إسماعيل بن علي السيلقي من كبار مشيخة السلفي صاحب الترجمة .
ولد الحافظ أبو طاهر في سنة خمس وسبعين أو قبلها بسنة ، وهذا مطابق لما رواه أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي في " تاريخه " ، قال : سمعت الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بعد عوده من عند السلفي يقول : سألته عن مولده ، فقال : أنا أذكر قتل نظام الملك -يعني الوزير الذي وقف المدرسة النظامية ببغداد - وكان عمري نحو عشر سنين ; قتل سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، وقد كتب عني بأصبهان أول سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ، وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر أو أقل بقليل ، وما في وجهي شعرة ، -رحمه الله- يعني لما كتبوا عنه . كالبخاري
وقال الإمام أبو شامة سمعت شيخنا علم الدين السخاوي يقول : سمعت يوما أبا طاهر السلفي ينشد لنفسه ما قاله قديما :
أنا من أهل الحدي ث وهم خير فئة جزت تسعين وأر
جو أن أجوزن المائة
وقد ذكر غير واحد أن السلفي ممن نيف على المائة عام ، حتى إن تلميذه الوجيه عبد العزيز بن عيسى قال : مات وله مائة وست سنين .
[ ص: 8 ] وأول سماع حضره السلفي متفرجا مع الصبيان مجلس رزق الله التميمي الحنبلي ، إذ قدم عليهم رسولا أصبهان ، فقال السلفي -فيما قرأته على عبد المؤمن الحافظ - أخبرنا ابن رواج ، أخبرنا السلفي ، قال : شاهدت رزق الله يوم دخوله إلى البلد ، وكان يوما مشهودا كالعيد ، بل أبلغ في المزيد ، وحضرت مجلسه في الجامع الجورجيري وقال لي أحمد بن معمر العبدي : قد استجزته لك في جملة من كتبت من صبياننا .
قال السلفي في معجم أصبهان الواعظة أروى بنت محمد هي ابنة عم جدتي فاطمة الشعبية مقدمة الواعظات ، رأيتها وحضرت عندها كثيرا ، وقد سمعت من أبي سعد الماليني ، والنقاش ، وماتت سنة ثمانين وأربعمائة .
وقال : أول من سمعت منه وكتبت عنه محمد بن محمد بن عبد الرحمن المديني سمع في سنة تسع وأربعمائة من أحمد بن عبد الرحمن اليزدي .
وسمع السلفي كثيرا من الرئيس أبي عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي ، وله سماع في سنة ثلاث وأربعمائة . ومات هو والمديني عام تسعة وثمانين . وسمع أيضا بأصبهان من رئيس المؤذنين أبي مسعود محمد [ ص: 9 ] وأحمد ابني عبد الله السوذرجاني رويا له عن علي بن ميلة .
وسمع من أبي بكر محمد بن عبد الواحد بن محمد ، وقال : لم يمت أحد من شيوخي قبله ، ولا حدثنا عن أبي منصور بن مهربزد صاحب أبي علي الصحاف سواه . قال : وأخبرنا محمد بن علي الكاغدي عن علي بن ميلة .
وحدث السلفي عن أبي مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف صاحب ابن مردويه ، وعن محمد بن عبد الجبار القوساني ، وأبي طالب أحمد بن أبي هاشم الكندلاني وأحمد بن عبد الغفار بن أشته وإسماعيل بن علي السيلقي وأبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم المؤدب ، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وتلا عليه إلى الخواتيم وعبد الرحمن بن محمد بن يوسف النصري السمسار بقية أصحاب الجرجاني ، وسعيد بن محمد بن يحيى الجوهري صاحب ابن ميلة .
ومكي بن منصور الكرجي السلار صاحب القاضي أبي بكر الحيري وأبي سعد محمد بن محمد المطرز ، وتلا عليه ختمة وأبي الفتح محمد بن أحمد بن الحارث الأخرم صاحب غلام محسن ، والحافظ أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر بن مردويه ، والحافظ أحمد بن محمد بن بشرويه وسمع منه معجمه وأحمد بن محمد بن قولويه ، والمقرئ إسماعيل بن الحسن العلوي .
[ ص: 10 ] والمحدث بندار بن محمد الخلقاني وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن بليزة الخرقي وتلا عليه لقنبل عن قراءته في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة على ابن زنجويه ، وأبي حفص عمر بن الحسن بن محمد بن سليم المعلم ، صاحب غلام محسن ، وأبي نصر الفضل بن علي الحنفي ، صاحب ابن ميلة ، وأبي القاسم الفضل بن علي السكري ، صاحب أبي بكر بن أبي علي الذكواني ، وفضلان بن عثمان القيسي ، صاحب الذكواني أيضا ، وأبي علي المطهر بن بطة روى عن الحمال ، ولاحق بن محمد التميمي ، يروي عن الفضل بن شهريار ، وتلا لقالون أيضا على أبي سعد نصر بن محمد الشيرازي ، صاحب أبي الفضل الرازي في خلق كثير من أصحاب أبي نعيم وابن ريذة . ونزل إلى الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي والفضل بن محمد الديلمي ، وعدة .
وسمع من النساء بأصبهان ، من أم سعد أسماء بنت أحمد بن عبد الله بن أحمد ، تروي عن ابن عبدكويه ، والجمال ، وابن أبي علي ، ومن أمة العزيز بنت محمد بن الجنيد ، سمعت الجمال ، ومن سارة أخت شيخه أبي طالب الكندلاني ، وفاطمة بنت ماجه ، تروي عن أبي سعيد بن حسنويه ، ومن لامعة بنت سعيد البقال ، وقد سمعوا منها في حياة ، فعمل معجم شيوخه أبي نعيم الحافظ الأصبهاني في مجلد كبير .
[ ص: 11 ] وارتحل ، وله أقل من عشرين سنة ، فدخل بغداد ولحق بها أبا الخطاب بن البطر ، وسمع منه نحوا من عشرين جزءا ، كان يتفرد بها ، فتفرد هو بها عنه ; كالدعاء للمحاملي ، والأجزاء المحامليات الثلاثة .
وسمع من أبي بكر أحمد بن علي الطريثيثي ، والحسين بن علي بن البسري ، وثابت بن بندار ، وأبي سعد الحسين بن الحسين الفانيدي ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني ، وعلي بن محمد بن العلاف الحاجب ، وعلي بن الحسين الربعي ، وأبي الخطاب بن الجراح ، وقاضي الموصل أبي نصر محمد بن علي بن ودعان صاحب تيك الأربعين المكذوبة ، والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري ، وجعفر بن أحمد السراج ، والمعمر بن محمد الحبال ، ومنصور بن بكر بن محمد بن حيد وأبي الفضل محمد بن محمد بن محمد بن الصباغ ، وأبي طاهر محمد بن أحمد بن قيداس ، وأبي البركات محمد بن المنذر بن طيبان وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل ، وأبي منصور الخياط ، وأبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي . وأبي ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط ، والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري ، وأبي سعد محمد بن عبد الملك بن خشيش ، وأبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني ، وعلي بن الخل البزاز ، وأبي تراب عبد الخالق بن محمد بن خلف المؤدب ، صاحب هبة [ ص: 12 ] الله اللالكائي وأحمد بن سوسن التمار ، والحافظ أبي علي البرداني والحافظ شجاع بن فارس الذهلي ، والحافظ مؤتمن بن أحمد الساجي ، والمفيد أبي محمد ابن الآبنوسي ، والحافظ ، وخلق كثير عمل لهم المعجم في مجلد تام فيهم عدد من أصحاب أبي عامر العبدري ابن غيلان والجوهري . ونزل إلى أصحاب . أبي الحسين بن النقور
وجالس في الفقه إلكيا الهراسي ، ويوسف بن علي الزنجاني ، وأبا بكر الشاشي .
وأخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي .
ولم يتفق له لقي أبي حامد الغزالي فإنه كان قد فارق بغداد وحج وقدم الشام ثم ارتحل منها إلى خراسان .
لم يسمع ببغداد من النساء سوى ثماني شيخات ، وسافر منها بعد أربع سنين . وسمع بالكوفة من أبي البقاء الحبال وجماعة .
وحج فسمع بمكة من أبي شاكر العثماني صاحب أبي ذر الحافظ ، ومن الحسين بن علي الطبري الفقيه . وبالمدينة من أبي الفرج القزويني . ورد إلى بغداد فأقام بها عامين مكبا على العلم والفضائل .
ثم ارتحل سنة خمسمائة فسمع من محمد بن جعفر العسكري وطائفة [ ص: 13 ] بالبصرة ، ومن المفتي أبي بكر أحمد بن محمد بن زنجويه صاحب أبي علي بن شاذان بزنجان ومن أبي غالب محمد بن أحمد العدل صاحب ابن شبانة بهمذان ، ومن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد العزيز الشافعي بأبهر ، ومن أبي نعيم محمد بن علي بن زبزب بواسط ، ومن أبي القاسم محمد بن سعادة الهلالي بسلماس ومن محمد بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن فدويه الكوفي بالحلة .
ومن أبي سعد أحمد بن الخصيب الخانساري بجرباذقان ، ومن أحمد بن إسحاق الأديب بساوة ، ومن قاضي الدينور أبي طالب نصر بن الحسين بالدينور ، ومن موحد بن محمد بن عبد الواحد القاضي بتستر ، ومن أبي طاهر حمد بن محمد بن عمر الكوسج بالكرج ، ومن راشد بن علي المقرئ بالأهواز ، ومن أحمد بن عمر بن محمد بن ناتان بتفليس ، ومن محمد بن أحمد بن مهدي السرنجي بنصيبين ، ومن أبي طاهر أحمد بن علي بشابرخواست .
ومن أبي نصر عبد الواحد بن محمد بالكنكور ومن أبي الفتح أحمد بن محمد بن رشيد الأدمي بشهرستان ، ومن أبي تمام محمد بن محمد بن بنبق بالنعمانية ، ومن القاضي مسعود بن علي الملحي بأردبيل ، ومن القاضي سالم بن محمد [ ص: 14 ] العمراني بآمد ، ومن القاضي عبد الجبار بن سعد بالأشتر .
ومن أبي الفتح أحمد بن محمد بن حامد الحراني بماكسين ، ومن القاضي عبد الكريم بن حمد الجرجاني بمأمونية زرند ، ومن قاضي نهر الدير عبد الواحد بن أحمد بها ومن ميمون بن عمر البابي الفقيه بباب الأبواب ، ومن أبي صادق المديني بمصر ، ومن القاضي أبي المحاسن الروياني بالري ، ومن القاضي إسماعيل بن عبد الجبار الماكي بقزوين ، ومن أبي علان سعد بن علي المضري بمراغة ، ومن أبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي بالإسكندرية ، ومن خلق كثير بها ، ومن أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي بدمشق ، ومن أبي منصور محمد بن عبد الواحد بن غزو بنهاوند .
وسمع بأبهر من أبي العلاء أحمد بن إسماعيل الطباخي بسماعه من جده لأمه محمد بن عبد العزيز في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة .
وسمع بصور من أبي الفضل أحمد بن الحسين الكاملي المستملي عن عمر بن أحمد الآمدي .
وسمع بقزوين من الخليل بن عبد الجبار التميمي راوي نسخة فليح .
وسمع بصريفين واسط من رجب بن محمد الشروطي ، وبميافارقين من مفتيها شريف بن فياض ، وبالرحبة من أبي منصور ضبة بن أحمد [ ص: 15 ] القضاعي الشروطي ، وبالدون من عبد الرحمن بن حمد السفياني ، وبالفرك من بدر بن دلف الفركي ، وبقرقيسيا علي بن إبراهيم الخطيبي ، وبقرميسين علي بن منير الحراني ، وبشروان علي بن أحمد بن علي المفضض ولينه ، وبزرند عبد الرزاق بن حسن ، وبأبهر أيضا من رئيسها عبد الوارث بن محمد الأسدي بسماعه من أبيه في سنة تسع عشرة وأربعمائة ; أخبرنا علي بن لؤلؤ الوراق ، وبالفاروث من عسكر بن حسن بن سنبر ، وبمدينة القصر من غالب بن علي ، وبفيد من فرج بن إبراهيم ، وبعرابان كلاب بن حواري التنوخي عن رجل عن آخر عن عبد الغافر الفارسي ، وبداريا محمد بن علي بن حجيجة ، وبعسكر مكرم المبارك بن محمد بن منصور الديباجي ، وبحاني مباركة بنت أبي الحسن الحنبلية ، وبثغر نشوى مفرج بن أبي عبد الله ، وبالدونق نصر بن منصور [ ص: 16 ] الدونقي وبالزز من مانكيل بن محمد ، وبتدمر أبياتا من وهيب التميمي ، وبسراي دار مملكة أزبك خان ، من عبد الله بن علي السفني .
وسمع بماردين ، وسهرورد ، ودبيل ، وجويث وخلاط ، وقهج ، وغير ذلك ، وأفرد من ذلك الأربعين البلدية .
وأملى مجالس بسلماس وهو شاب ، وانتخب على غير واحد عن المشايخ ، كتب العالي والنازل ، ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة ، فكان ينسخ الجزء الضخم في ليلة . وخطه متقن سريع لكنه معلق مغلق .
وبقي في الرحلة ثمانية عشر عاما ، يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر .
وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة ، فأقام بها سنتين يكتب العلم مقيما بالخانقاه . وقد جمعوا له من جزازه وتعاليقه " معجم السفر " في مجلد كبير .
ثم استوطن ثغر الإسكندرية بضعا وستين سنة وإلى أن مات ، [ ص: 17 ] ينشر العلم ويحصل الكتب التي قل ما اجتمع لعالم مثلها في الدنيا .