ابن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحم ، أخي الضحاك بن مزاحم الإمام الكبير حافظ العصر ، شيخ الإسلام أبو محمد الهلالي الكوفي ، ثم المكي . [ ص: 455 ] مولده : بالكوفة في سنة سبع ومائة .
وطلب الحديث ، وهو حدث ، بل غلام ، ولقي الكبار ، وحمل عنهم علما جما ، وأتقن ، وجود ، وجمع وصنف ، وعمر دهرا ، وازدحم الخلق عليه ، وانتهى إليه علو الإسناد ، ورحل إليه من البلاد ، وألحق الأحفاد بالأجداد .
سمع في سنة تسع عشرة ومائة ، وسنة عشرين ، وبعد ذلك ، فسمع من ، وأكثر عنه ، ومن عمرو بن دينار ، زياد بن علاقة والأسود بن قيس ، وعبيد الله بن أبي يزيد ، ، وابن شهاب الزهري ، وعاصم بن أبي النجود ، وأبي إسحاق السبيعي ، وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم ، ، وعبد الملك بن عمير ، ومحمد بن المنكدر ، وأبي الزبير وحصين بن عبد الرحمن ، ، وسالم أبي النضر وشبيب بن غرقدة ، وعبدة بن أبي لبابة ، ، وعلي بن زيد بن جدعان ، وعبد الكريم الجزري ، وعطاء بن السائب ، وأيوب السختياني ، والعلاء بن عبد الرحمن وقاسم الرجال ، ، ومنصور بن المعتمر ومنصور بن صفية الحجبي ، ، ويزيد بن أبي زياد ، وهشام بن عروة ، وحميد الطويل ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبي يعفور العبدي ، وابن عجلان ، ، وابن أبي ليلى وسليمان الأعمش ، وموسى بن عقبة ، ، وسهيل بن أبي صالح وعبد الله بن أبي نجيح ، ، وعبد الرحمن بن القاسم وأمية بن صفوان الجمحي ، وجامع بن أبي راشد ، وحكيم بن جبير ، قاضي وسعد بن إبراهيم المدينة ، وصالح مولى التوأمة -وقال : سمعت منه ولعابه يسيل- وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، ، وعبد العزيز بن رفيع وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وإسماعيل بن محمد [ ص: 456 ] بن سعد ، ، وأيوب بن موسى وبرد بن سنان ، وبكر بن وائل ، وبيان بن بشر ، وسالم بن أبي حفصة ، وأبى حازم الأعرج ، وسمي مولى أبي صالح ، وصدقة بن يسار ، ، وصفوان بن سليم وعاصم بن كليب الجرمي ، ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وعبد الله بن طاوس وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، ، ومحمد بن جحادة ومحمد بن السائب بن بركة ، ويزيد بن يزيد بن جابر الدمشقي ، ، ويونس بن عبيد وسفيان ، وشعبة ، ، وزياد بن سعد ، وخلق كثير ، وتفرد بالرواية عن خلق من الكبار . وزائدة بن قدامة
حدث عنه : الأعمش ، ، وابن جريج وشعبة -وهؤلاء من شيوخه- ، وهمام بن يحيى ، والحسن بن حي ، وزهير بن معاوية ، وحماد بن زيد وإبراهيم بن سعد ، ، وأبو إسحاق الفزاري ، ومعتمر بن سليمان ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى القطان ، والشافعي وعبد الرزاق ، ، والحميدي ، وسعيد بن منصور ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني وإبراهيم بن بشار الرمادي ، ، وأحمد بن حنبل ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وإسحاق ابن راهويه وأبو جعفر النفيلي ، وأبو كريب ، ، ومحمد بن المثنى ، وعمرو بن علي الفلاس ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، ، وعمرو بن محمد الناقد ، وأحمد بن منيع وإسحاق بن منصور الكوسج ، ، وزهير بن حرب ، ويونس بن عبد الأعلى والحسن بن محمد الزعفراني ، ، والحسن بن الصباح البزار وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، ومحمد بن عاصم الثقفي ، ، وعلي بن حرب وسعدان بن نصر ، وزكريا بن يحيى المروزي ، وبشر بن مطر ، ، والزبير بن بكار وأحمد بن شيبان [ ص: 457 ] الرملي ، ومحمد بن عيسى بن حبان المدائني ، وأمم سواهم ، خاتمهم في الدنيا شيخ مكي يقال له : أبو نصر اليسع بن زيد الزينبي ، عاش إلى سنة اثنتين وثمانين ومائتين . وما هو بالقوي . ولقد كان خلق من طلبة الحديث يتكلفون الحج ، وما المحرك لهم سوى لقي سفيان بن عيينة ، لإمامته وعلو إسناده . وجاور عنده غير واحد من الحفاظ . ومن كبار أصحابه المكثرين عنه : ، الحميدي ، والشافعي ، وابن المديني وأحمد ، وإبراهيم الرمادي .
قال الإمام الشافعي . لولا مالك ، لذهب علم وسفيان بن عيينة الحجاز .
وعنه قال : وجدت أحاديث الأحكام كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث ، ووجدتها كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثا . فهذا يوضح لك سعة دائرة سفيان في العلم ، وذلك لأنه ضم أحاديث العراقيين إلى أحاديث الحجازيين . وارتحل ولقي خلقا كثيرا ما لقيهم مالك . وهما نظيران في الإتقان ، ولكن مالكا أجل وأعلى ، فعنده نافع . وسعيد المقبري
قال عبد الرحمن بن مهدي : كان ابن عيينة من أعلم الناس بحديث الحجاز .
وقال أبو عيسى الترمذي : سمعت - [ ص: 458 ] يقول : محمدا -يعني البخاري ابن عيينة أحفظ من حماد بن زيد .
قال حرملة : سمعت يقول : ما رأيت أحدا فيه من آلة العلم ما في الشافعي سفيان بن عيينة ، وما رأيت أكف عن الفتيا منه . قال : وما رأيت أحدا أحسن تفسيرا للحديث منه .
قال : لا أعلم أحدا أعلم بتفسير القرآن من عبد الله بن وهب ابن عيينة ، وقال : أعلم بالسنن من أحمد بن حنبل سفيان .
قال : كتبنا عن وكيع ابن عيينة أيام الأعمش .
قال علي ابن المديني : ما في أصحاب الزهري أحد أتقن من سفيان بن عيينة .
قال ابن عيينة : حج بي أبي حي . وعطاء بن أبي رباح
وقال : كان أحمد بن عبد الله العجلي ابن عيينة ثبتا في الحديث ; وكان حديثه نحوا من سبعة آلاف ، ولم تكن له كتب .
قال بهز بن أسد : ما رأيت مثل سفيان بن عيينة . فقيل له : ولا شعبة ؟ قال : ولا شعبة .
قال : هو أثبت الناس في يحيى بن معين . عمرو بن دينار
وقال ابن مهدي : عند ابن عيينة من معرفته بالقرآن وتفسير الحديث ، ما لم يكن عند . سفيان الثوري
أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا جعفر بن علي ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار ، أخبرنا ، سمعت أبو يعلى الخليلي علي بن أحمد بن صالح المقرئ ، سمعت الحسن بن علي [ ص: 459 ] الطوسي ، سمعت محمد بن إسماعيل السلمي ، سمعت البويطي ، سمعت يقول : أصول الأحكام نيف وخمس مائة حديث ، كلها عند الشافعي مالك إلا ثلاثين حديثا ، وكلها عند ابن عيينة إلا ستة أحاديث . رواته ثقات .
القاضي أبو العلاء الواسطي ، مما سمعته منه ، الخطيب ، أنبأنا عبد الله بن موسى السلامي ، سمعت عمار بن علي اللوري ، سمعت أحمد بن النضر الهلالي ، سمعت أبي يقول : كنت في مجلس سفيان بن عيينة ، فنظر إلى صبي ، فكأن أهل المسجد تهاونوا به لصغره ، فقال سفيان : كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ثم قال : يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين ، طولي خمسة أشبار ، ووجهي كالدينار ، وأنا كشعلة نار ، ثيابي صغار ، وأكمامي قصار ، وذيلي بمقدار ، ونعلي كأذان الفار ، أختلف إلى علماء الأمصار ، كالزهري ، ، أجلس بينهم كالمسمار ، محبرتي كالجوزة ، ومقلمتي كالموزة ، وقلمي كاللوزة ، فإذا أتيت قالوا : أوسعوا للشيخ الصغير ، ثم ضحك . في صحة هذا نظر ، وإنما سمع من المذكورين وهو ابن خمس عشرة سنة أو أكثر . وعمرو بن دينار
قال : دخل أحمد بن حنبل سفيان بن عيينة على -يعني أمير معن بن زائدة اليمن - ولم يكن سفيان تلطخ بعد بشيء من أمر السلطان ، فجعل يعظه .
قال : سمعت أبي يقول : أحب أن تكون لي جارية في غنج علي بن حرب الطائي سفيان بن عيينة إذا حدث .
قال رباح بن خالد الكوفي : سألت ابن عيينة فقلت : يا أبا محمد ، إن [ ص: 460 ] أبا معاوية يحدث عنك بشيء ليس تحفظه اليوم ، وكذلك ، فقال : صدقهم ، فإني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم . وكيع
قال محمد بن المثنى العنزي : سمعت ابن عيينة يقول ذلك لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة .
قال حامد بن يحيى البلخي : سمعت ابن عيينة يقول : رأيت كأن أسناني سقطت ، فذكرت ذلك للزهري ، فقال : تموت أسنانك ، وتبقى أنت . قال : فمات أسناني وبقيت أنا ، فجعل الله كل عدو لي محدثا .
قلت : قال هذا من شدة ما كان يلقى من ازدحام أصحاب الحديث عليه حتى يبرموه .
قال غياث بن جعفر : سمعت ابن عيينة يقول : أول من أسندني إلى الأسطوانة ، مسعر بن كدام ، فقلت له : إني حدث . قال : إن عندك الزهري ، . وعمرو بن دينار
قال أبو محمد الرامهرمزي : حدثنا موسى بن زكريا ، حدثنا زياد بن عبد الله بن خزاعي ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : كان أبي صيرفيا بالكوفة ، فركبه دين فحملنا إلى مكة ، فصرت إلى المسجد ، فإذا ، فحدثني بثمانية أحاديث ، فأمسكت له حماره حتى صلى ، وخرج ، فعرضت الأحاديث عليه ، فقال : بارك الله فيك . عمرو بن دينار
وروى أبو مسلم المستملي : قال ابن عيينة : سمعت من عمرو ما لبث نوح في قومه -يعني تسع مائة وخمسين سنة . [ ص: 461 ] قال مجاهد بن موسى : سمعت ابن عيينة يقول : ما كتبت شيئا إلا حفظته قبل أن أكتبه .
قال ابن المبارك : سئل عن سفيان الثوري سفيان بن عيينة ، فقال : ذاك أحد الأحدين ما أغربه .
وقال ابن المديني : قال لي . ما بقي من معلمي أحد غير يحيى القطان سفيان بن عيينة ، وهو إمام منذ أربعين سنة .
وقال علي : سمعت بشر بن المفضل يقول : ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه ابن عيينة . وحكى حرملة بن يحيى أن ابن عيينة قال له -وأراه خبز شعير- : هذا طعامي منذ ستين سنة .
، سمع الحميدي سفيان يقول : لا تدخل هذه المحابر بيت رجل إلا أشقى أهله وولده .
وقال سفيان مرة لرجل : ما حرفتك ؟ قال : طلب الحديث . قال : بشر أهلك بالإفلاس .
وروى علي بن الجعد عن ابن عيينة قال : من زيد في عقله ، نقص من رزقه .
ونقل عن سنيد بن داود ابن عيينة قال : من كانت معصيته في الشهوة فارج له ، ومن كانت معصيته في الكبر ، فاخش عليه ، فإن آدم عصى مشتهيا ، فغفر له ، وإبليس عصى متكبرا فلعن . [ ص: 462 ] ومن كلام ابن عيينة قال : الزهد : الصبر وارتقاب الموت . وقال : العلم إذا لم ينفعك ضرك .
قال عثمان بن زائدة : قلت : ممن نسمع ؟ قال : عليك لسفيان الثوري بابن عيينة . وزائدة
قال نعيم بن حماد : ما رأيت أحدا أجمع لمتفرق من سفيان بن عيينة .
وقال علي بن نصر الجهضمي : حدثنا شعبة بن الحجاح قال : رأيت ابن عيينة غلاما ، معه ألواح طويلة عند ، وفي أذنه قرط ، أو قال : شنف . عمرو بن دينار
وقال ابن المديني : سمعت ابن عيينة يقول : جالست عبد الكريم الجزري سنتين ، وكان يقول لأهل بلده : انظروا إلى هذا الغلام يسألني وأنتم لا تسألوني .
قال ذؤيب بن عمامة السهمي : سمعت ابن عيينة يقول : سمعت من صالح مولى التوأمة هكذا وهكذا ، وأشار بيديه - يعني كثرة - سمعت منه ، ولعابه يسيل ، فقال : فلا نعلمه روى عنه شيئا ، كان منتقدا للرواة . عبد الرحمن بن أبي حاتم
قال علي : سمعت سفيان يقول : أكبر من عمرو بن دينار الزهري ، سمع من جابر ، وما سمع الزهري منه . [ ص: 463 ]
قال أحمد بن سلمة النيسابوري : حدثنا سليمان بن مطر ، قال : كنا على باب سفيان بن عيينة ، فاستأذنا عليه ، فلم يأذن لنا ، فقلنا : ادخلوا حتى نهجم عليه ، قال : فكسرنا بابه ، ودخلنا وهو جالس ، فنظر إلينا ، فقال : سبحان الله ، دخلتم داري بغير إذني ، وقد حدثنا الزهري عن سهل بن سعد . أن رجلا اطلع في جحر ، من باب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ومع النبي -صلى الله عليه وسلم- مدرى يحك به رأسه فقال : لو علمت أنك تنظرني لطعنت بها في عينك ، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر
قال : فقلنا له : ندمنا يا أبا محمد . فقال : ندمتم ؟ حدثنا عبد الكريم الجزري عن زياد ، عن عبد الله بن معقل ، عن عبد الله بن مسعود . اخرجوا فقد أخذتم رأس مال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : الندم توبة ابن عيينة .
سليمان هذا هو أخو قتادة بن مطر ، صدوق إن شاء الله . وزياد المذكور في الحديث هو ابن أبي مريم .
قال محمد بن يوسف الفريابي : كنت أمشي مع ابن عيينة ، فقال لي : يا محمد ، ما يزهدني فيك إلا طلب الحديث . قلت : فأنت يا أبا محمد ، أي شيء كنت تعمل إلا طلب الحديث ؟ فقال : كنت إذ ذاك صبيا لا أعقل . قلت : إذا كان مثل هذا الإمام يقول هذه المقالة في زمن [ ص: 464 ] التابعين أو بعدهم بيسير ، وطلب الحديث مضبوط بالاتفاق ، والأخذ عن الأثبات الأئمة ، فكيف لو رأى سفيان -رحمه الله- طلبة الحديث في وقتنا ، وما هم عليه من الهنات والتخبيط ، والأخذ عن جهلة بني آدم ، وتسميع ابن شهر .
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها
قال عبد الرحمن بن يونس : حدثنا ابن عيينة قال : أول من جالست عبد الكريم أبو أمية وأنا ابن خمس عشرة سنة . قال : وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة .
قال : ما رأيت أحدا يختبر الحديث إلا ويخطئ ، إلا يحيى بن آدم سفيان بن عيينة .
قال أحمد بن زهير : حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي ، حدثنا سفيان قال : قال ، ولم أسمعه منه : إذا قال لامرأته : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، بانت بالأولى ، وبطلت الثنتان . حماد بن أبي سليمان
قال سفيان : رأيت حمادا قد جاء إلى طبيب على فرس .
قال : أبو حاتم الرازي سفيان بن عيينة إمام ثقة ، كان أعلم بحديث من عمرو بن دينار شعبة ، قال : وأثبت أصحاب الزهري ، هو . ومالك
وقال عبد الرزاق : ما رأيت بعد مثل ابن جريج ابن عيينة في حسن المنطق .
وروى إسحاق الكوسج عن يحيى : ثقة . [ ص: 465 ] وعن ابن عيينة قال : الورع طلب العلم الذي به يعرف الورع . روى سليمان بن أيوب ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : شهدت ثمانين موقفا .