[ ص: 5 ] عبادة بن الصامت ( ع ) 
ابن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن [ عمرو بن عوف ] بن الخزرج ، الإمام القدوة ، أبو الوليد الأنصاري ، أحد النقباء ليلة العقبة ، ومن أعيان البدريين سكن بيت المقدس . 
حدث عنه  أبو أمامة الباهلي  ،  وأنس بن مالك  ، وأبو مسلم الخولاني الزاهد  ،  وجبير بن نفير  ، وجنادة بن أبي أمية  ، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي  ،  ومحمود بن الربيع  ،  وأبو إدريس الخولاني  ،  وأبو الأشعث الصنعاني  ، وابنه الوليد بن عبادة  ،  وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ،  وخالد بن معدان   - ولم يلحقاه ، فهو مرسل - وابن زوجته أبو أبي  ،  وكثير بن مرة  ، وحطان بن عبد الله الرقاشي  ، وآخرون . 
قال ابن إسحاق  في تسمية من شهد العقبة الأولى : عبادة بن الصامت   . شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .  [ ص: 6 ] محمد بن سابق  ، حدثنا حشرج بن نباتة  ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي   : سمع أبا قلابة  يقول : حدثني الصنابحي   : أن عبادة بن الصامت  حدثه ، قال : خلوت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أي أصحابك أحب إليك حتى أحبه ؟ قال : اكتم علي حياتي : أبو بكر الصديق  ، ثم عمر  ، ثم علي   . ثم سكت ، فقلت : ثم من يا رسول الله ؟ قال : من عسى أن يكون إلا الزبير  ، وطلحة  ، وسعد  ، وأبو عبيدة  ، ومعاذ  ، وأبو طلحة  ، وأبو أيوب  ، وأنت يا عبادة  ،  وأبي بن كعب  ،  وأبو الدرداء  ،  وابن مسعود  ، وابن عوف  ، وابن عفان  ، ثم هؤلاء الرهط من الموالي : سلمان  ، وصهيب  ، وبلال  ، وعمار  
قال  محمد بن كعب القرظي   : جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار   : معاذ  ، وعبادة  ، وأبي  ، وأبو أيوب  ،  وأبو الدرداء  ، فلما كان عمر  ، كتب يزيد بن أبي سفيان  إليه : إن أهل الشام   كثير ، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم ، فقال : أعينوني بثلاثة ، فقالوا : هذا شيخ كبير - لأبي أيوب   - وهذا سقيم - لأبي   - فخرج الثلاثة إلى الشام  ، فقال : ابدءوا بحمص  ، فإذا رضيتم منهم ، فليخرج واحد إلى دمشق  ، وآخر إلى فلسطين   .  [ ص: 7 ] 
 برد بن سنان  ، عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب  ، عن أبيه : أن عبادة  أنكر على معاوية  شيئا ، فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى المدينة  ، قال له عمر   : ما أقدمك ؟ فأخبره بفعل معاوية  ، فقال [ له ] : ارحل إلى مكانك ، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك ، فلا إمرة له عليك . 
 ابن أبي أويس  ، عن أبيه ، عن الوليد بن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت  عن ابن عمه عبادة بن الوليد  ، قال : كان عبادة بن الصامت  مع معاوية  ، فأذن يوما ، فقام خطيب يمدح معاوية  ، ويثني عليه ، فقام عبادة  بتراب في يده ، فحشاه في فم الخطيب ، فغضب معاوية  ، فقال له عبادة   : إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة  ، على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ومكسلنا ، وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ، وأن نقوم بالحق حيث كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم المداحين ، فاحثوا في أفواههم التراب  .  [ ص: 8 ] 
 يحيى القطان   : حدثنا  ثور بن يزيد  ، حدثنا مالك بن شرحبيل  ، قال : قال عبادة بن الصامت   : ألا تروني لا أقوم إلا رفدا ولا آكل إلا ما لوق - يعني : لين وسخن - وقد مات صاحبي منذ زمان - يعني ذكره - وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي ، وإن لي ما تطلع عليه الشمس ، مخافة أن يأتي الشيطان ، فيحركه ، على أنه لا سمع له ولا بصر  . 
إسماعيل بن عياش  ، عن ابن خثيم  ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن  [ ص: 9 ] رفاعة  ، قال : كتب معاوية  إلى عثمان   : إن عبادة بن الصامت  قد أفسد علي الشام  وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلي بينه وبين الشام   . 
فكتب إليه : أن رحل عبادة  حتى ترجعه إلى داره بالمدينة   . 
قال : فدخل على عثمان  ، فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار ، فالتفت إليه ، فقال : يا عبادة  ما لنا ولك ؟ فقام عبادة  بين ظهراني الناس ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، ولا تضلوا بربكم  . 
يحيى بن سليم  ، عن ابن خثيم  ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة  ،  [ ص: 10 ] عن أبيه : أن عبادة بن الصامت  مرت عليه قطارة وهو بالشام  ، تحمل الخمر ، فقال : ما هذه ؟ أزيت ؟ قيل : لا ، بل خمر يباع لفلان ، فأخذ شفرة من السوق ، فقام إليها ، فلم يذر فيها راوية إلا بقرها -  وأبو هريرة  إذ ذاك بالشام   - فأرسل فلان إلى  أبي هريرة  ، فقال : ألا تمسك عنا أخاك عبادة  ، أما بالغدوات ، فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأما بالعشي ، فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا ! . 
قال : فأتاه  أبو هريرة  ، فقال : يا عبادة  ، ما لك ولمعاوية  ؟ ذره وما حمل ، فقال : لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وألا يأخذنا في الله لومة لائم ، فسكت  أبو هريرة  ، وكتب فلان إلى عثمان   : إن عبادة  قد أفسد علي الشام   . 
 الوليد بن مسلم  ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة   : أن عبادة بن الصامت  مر بقرية دمر فأمر غلامه أن يقطع له سواكا من صفصاف على نهر بردى ، فمضى ليفعل ثم قال له : ارجع ، فإنه إن لا يكن بثمن ، فإنه ييبس ، فيعود حطبا بثمن  . 
وعن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد  ، عن  عبادة بن الوليد بن عبادة  ، عن أبيه ، قال : كان عبادة  رجلا طوالا جسيما جميلا . مات بالرملة  سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة  .  [ ص: 11 ] 
قال ابن سعد   : وسمعت من يقول : إنه بقي حتى توفي زمن معاوية  في خلافته . 
وقال يحيى بن بكير  وجماعة : مات سنة أربع وثلاثين وقال ضمرة  ، عن رجاء بن أبي سلمة  ، قال : قبر عبادة  ببيت المقدس  ، وقال الهيثم بن عدي   : مات سنة خمس وأربعين رضي الله عنه . 
قلت : ساق له بقي  في مسنده مائة وأحدا وثمانين حديثا ، وله في  البخاري  ومسلم  ستة ، وانفرد  البخاري  بحديثين ، ومسلم  بحديثين . 
				
						
						
