خلاصة الفتوى:
الخليفة يشمل السلطان الذي يلي أمر الناس لقيامه بالخلافة وتنفيذ أمر الله وسياسة الناس به، كما تشمل جميع الناس باعتبار كونهم يخلف بعضهم بعضاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى جعل بني آدم خلفاء في الأرض يخلف بعضهم بعضاً، يعمرونها جيلاً بعد جيل، وخلفاً بعد سلف، كما قال تعالى: وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ {النمل:62}، وقد وعد الله المؤمنين المتمسكين بشرعه وهدى أنبيائه بالتمكين لهم في الأرض واستخلافهم، كما قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:55}، والمراد بها كما قال ابن كثير: أن يكونوا أئمة الناس والولاة عليهم وبهم تصلح البلاد. وقد ذكر البيضاوي في تفسير قوله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.. أن المراد بالخليفة آدم لأنه خليفة الله في أرضه، وكذلك كل الأنبياء استخلفهم الله في عمارة الأرض وسياسة الناس وتنفيذ أمر الله فيهم، وقيل المراد آدم وذريته لأنهم يخلفون من قبلهم، أو يخلف بعضهم بعضاً.
وبناء على هذا فالخلافة نوعان: خلافة عامة وهي خلافة البشر بعضهم بعضاً، وعليه فكل خلف من بني آدم خليفة لأنه خلف عن سلفه، وهذا ما تفيده آية جعلكم خلفاء الأرض، وهناك خلافة خاصة وهي خلافة أولياء الأمور المتمسكين بالشرع واتباع السنة مثل أبي بكر الصديق الذي اشتهر بلقب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع معاصروه من الصحابة على خلافته وطاعته، ومثله بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين، وقد ذكر الفقهاء أن كل من ملك على الأمة باستخلاف أو اتفاق عليه أو بغصب أنه تجب طاعته وعدم الخروج عليه ما لم يكفر؛ إلا أن الآخذ لها بالغصب والحاكم بغير الشرع عاص بغصبه وخلافه للشرع. وراجع الفتويين التاليتين: 14678، 60360.
والله أعلم.