الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام هناك نزاع وخصومة حول هذه الأرض ومن هو أحق بها وأحيل الأمر إلى القضاء فهو صاحب كلمة الفصل فيها، ولا سيما أنه أقدر على الإحاطة بتفاصيل الواقعة والاستماع إلى كل الأطراف، وهذا لايمكن حصوله من خلال الاستفتاء كما هو معلوم.
وكل ما يمكن أن نقوله أن هذه الأرض إذا كانت مملوكة لشخص وله على ذلك بينة ولكنه تركها مهملة فقام بعض الناس بتعميرها فإن من قام بتعميرها لا يملكها بذلك، والأرض باقية على ملك الشخص الأول، ولا يعد تعميره لهذه الأرض من قبيل إحياء الموات؛ بل هو تصرف في ملك الغير بغير حق.
وأما إذا لم تكن الأرض مملوكة والنزاع إنما هو فيمن هو أحق بإحيائها فمن سبق بوضع يده عليها وتحجيرها فهو أحق بها أيا كانت مهنته، مزارعا كان أو بدويا أو غير ذلك ، فقد روى أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به . وفي رواية: من سبق إلى مباح فهو له. والحديث وإن كان بعض أهل العلم قد ضعفه فإن بعضهم قد صححه كما قال الحافظ ابن حجر في التلخيص والحافظ السخاوي في المقاصد، وهو ما يوافق القواعد الشرعية العامة، ومقاصد الشريعة ومصالح الناس.
وعلى هذا فلا يجوز لمسلم أن يتجاوز من سبقه إلا بإذنه ورضاه، وإلا فإن ذلك يعتبر اعتداء على حقه، ولكن هذا منوط بأن يظل تحجير هذا السابق باق، وأن لا تطول مدة تحجيره.
أما إذا اندثر هذا التحجير أو طالت المدة فهو وغيره في ذلك سواء؛ كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:100354، وإذا حصل التنازع فيمن سبق إليها أو سبق إلى تحجيرها نظر في ذلك القضاء وقضى على حسب ما يراه من البينات والقرائن.
والذي ننصحك به أن تنتظر حكم المحكمة، وألا تتعجل ذلك بوضع يدك على الأرض وتحجيرها، فقد يجر ذلك إلى تفاقم الخصومة، وحدوث ما لا يحمد عقباه.
والله أعلم.