الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمقصود بهذا البنلد أن من جاء من قريش إلى المسلمين مسلما يلزم المسلمين أن يردوه إليهم، ومن ذهب من المسلمين إلى قريش مرتدا عن الإسلام لا يلزم قريشا أن ترده إليهم. روى البخاري عن عروة بن الزبير أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ (الحديبية) كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه، وأبى سهيل بن عمرو إلا ذلك، فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما، وجاء المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم.. الحديث.
ومما ذكر أهل العلم في استثناء النساء من الرد ما قاله ابن العربي في كتابه: أحكام القرآن من قوله: المسألة الثالثة في المعنى الذي لأجله لم ترد النساء وإن دخلن في عموم الشرط، وفي ذلك قولان:
أحدهما: لرقتهن وضعفهن.
الثاني: لحرمة الإسلام، ويدل عليه قوله: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10} والمعنيان صحيحان. ويجوز أن يعلل الحكم بعلتين حسبما بينا في كتب الأصول. اهـ
وقد كان مآل هذا البند لصالح المسلمين حيث إنه لم يرتد أحد ممن خالط الإسلام بشاشة قلبه والحمد لله في تلك المدة، ومن أسلم من قريش ثم رد إليهم كان وبالا عليهم حتى جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم راجين أن يأخذهم إليه. وأمر ذلك معروف في كتب السيرة.
والله أعلم.