الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته عن أمك من القسوة مع زوجتك، وسوء معاملتها ومعاملة أهلها يعتبر خطأ منها، ولكن قولك إنك الآن لا تكلم أمك بسبب ما فعلته وما تفعله مع زوجتك، يعتبر خطأ أكبر من ذلك. فأين ذلك من وصية الله بخفض الجناح لها، ومصاحبتها معروفا، حيث قال جل من قائل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.{الإسراء33-34 }. وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.{لقمان14-15 }. فبادر إلى التوبة من هذا الهجر لأمك، ولا تعد إليه أبدا.
وفيما ذكرته من الحال بين أمك وزوجتك، فننصحك فيه بأن تتحلى بالصبر والحلم، وأن تسعى جاهدا للحصول على الأسلوب الأمثل الذي به ترضي أمك، ولا تظلم زوجتك، ولا بأس بتوسيط الصلحاء من الناس في حل المشكلة. واعلم أننا مع ما ذكرناه من الحث على احترام الأم وحسن معاملتها وتخطئتك في هجرها نقول لك: إنه ليس من البر بأمك طاعتها في ظلم زوجتك، فأحسن إلى أمك دون أن تستجيب لها في ظلم زوجتك، فإن ظلم الزوجة معصية لله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وإن لم تجد حلا إلا في إسكان الزوجة بعيدة عن الأم فافعل ذلك إذا كنت تستطيعه من الناحية المادية، وبشرط أن لا يؤدي إلى قطيعة الأم. ونسأل الله أن يعيننا وإياك على تجاوز الصعاب كلها، وحل جميع المشاكل.
والله أعلم.