خلاصة الفتوى:
الدخان له جرم، وتعمد تناوله يفسد الصوم ولو لم يصل إلى الجهاز الهضمي أو الرئتين من جنس المغذيات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الفتوى مخالفة لما عليه الجمهور من أهل العلم من كون تعمد وصول الدخان إلى حلق الصائم يفسد صومه ومخالفة لما صرح به الكتاب والسنة من كون الأكل يفسد الصوم وما استدل به صاحبها على صحتها وإبطال نقيضها الذي هو قول الجمهور لا تقوم به حجة ولا ينبني على أساس، فالذين يقولون بأن الدخان مفطر يستندون إلى ما هو صريح في القران و السنة من أن الأكل والشرب عمدا يفسد الصوم. وبيان ذلك أن استعمال الدخان إما أكل وإما شرب وكل منهما مفطر ولو كان المأكول أو المشروب سما أو غير مغذي.
ثم إن ادعاء كون الدخان غير جرم وأنه لو كان جرما للزم من ذلك أن شم عوادم السيارات يبطل الصوم أو أنه لا يصل إلى الجوف وإنما الرئتين أو أنه غير مغذ أقول هذا الادعاءات باطلة وهي من قبيل الخلط والخبط الذي يقصد منه التشويش على المسلمين وتشكيكهم في أمور دينهم، وإلا فإن كون الدخان جرما أمر معلوم وما أظن أحدا ينكره، ولا يلزم من قول الجمهور بأن وصول الدخان إلى الحلق يفسد الصوم أنه يفسده في كل حاله بل أنهم استثنوا من ذلك ما وصل من غير قصد وهذا بإجماع منهم، وبهذا يتبين فساد هذه الفتوى وضعف ما بنيت عليه وأن الدخان مفطر. وعليه فلا مجال للتيسير في الترخيص في شربه للصائم وإلا لكان من التيسير المقبول شرعا أن يقال لمن لا يستطيع الصوم - يوما كاملا لشدة الحر أو لطول اليوم أو لضعف الشخص - اشرب مرة واحدة أو كل مرة واحدة وأكمل بقية اليوم وصومك صحيح ولمزيد الفائدة وكلام أهل العلم في موضوع إبطال استعمال الدخان للصوم نحيل على الفتاوى ذات الأرقام التالية 55455، 55456، 38238 كما نحيل أيضا على إجابة للشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله جاءت في سؤال شبيه بهذا السؤال ونصها مع السؤال:
يعتقد بعض الصائمين الذين ابتلاهم الله بشرب الدخان أن تعاطي الدخان في نهار رمضان ليس من المفطرات، لأنه ليس أكلا ولا شربا فما رأي فضيلتكم في هذا القول؟
فأجاب فضيلته بقوله: أرى أنه قول لا أصل له، بل هو شرب وهم يقولون إنه يشرب الدخان، ويسمونه شربا، ثم إنه لا شك يصل إلى المعدة وإلى الجوف وكل ما وصل إلى المعدة والجوف فإنه يعتبر مفطرا سواء كان نافعا أم ضارا، حتى لو ابتلع الإنسان خرزة السبحة مثلا، أو شيئا من الحديد أو غيره فإنه يفطر فلا يشترط في المفطر أو في الأكل والشرب أن يكون مغذيا أو أن يكون نافعا، فكل ما وصل إلى الجوف فإنه يعتبر أكلا وشربا وهم يعتقدون بل هم يعرفون أن هذا شرب ولكن يقولون هذا – إن كان أحد قد قاله مع أني أستبعد أن يقوله أحد – لكن إن كان أحد قد قاله فإنما هو مكابر، ثم إنه بهذه المناسبة أرى أنها فرصة لأنه سوف يكون ممسكا عنه طول نهار رمضان وفي الليل بإمكانه أن يتسلى عنه بما أباح الله من الأكل والشرب والذهاب يمينا وشمالا إلى المساجد وإلى الجلساء الصالحين، وأن يبتعد عمن ابتلوا بشربه فهو إذا امتنع عنه خلال الشهر فإن ذلك عون كبير على أن يدعه في بقية العمر، وهذه فرصة يجب أن لا تفوت المدخنين.
والله أعلم.