الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستخارة طلب الخيرة في الشيء، والحكمة منها هي التسليم لأمر الله, والخروج من الحول والطول, والالتجاء إليه سبحانه للجمع بين خيري الدنيا والآخرة، ولا تكون إلا في مباح، أما الواجب والحرام فلا استخارة فيهما، فلمعرفة الخير في الحرام هو تركه، ولمعرفة الخير في الواجب هو فعله .
أما المباح الذي لا يعرف هل الخير في فعله أم في تركه فيستخار فيه.
ولا نعرف ما الذي استخرت الله فيه أيتها السائلة.. فإن كان في العلاقة مع هذا الشاب فلا استخارة في ذلك لأنه أمر محرم.
وعلى كل حال فإن الاستخارة لا تجلب الراحة إلا لمن رضي بما اختاره الله له، والراحة باختيار الله تأتي من إيمان المستخير بأن الخير فيما اختار له ربه.
وحصول التعلق بالشيء المصروف عنه، ليس نتيجة للاستخارة؛ بل هو لعدم الرضا باختيار الله.
وأما قولك: هل هذا عقاب أم هذا ابتلاء؟ فنقول: إن الله يبتلي العبد بالخير والشر، لينظر هل يصبر ويشكرأم لا، فإن صبر على الضراء وشكر في السراء، أفلح ونجح، وكان ما أصابه من ضراء كفارة لذنبه، وإن لم يصبر ولم يشكر كان ما أصابه من ضراء عقوبة له في الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر، فعليك ترك هذه العلاقة ومجاهدة نفسك على نسيان هذا الشاب.
وأسباب الرضا والتسليم كثيرة منها :
الوقوف والتأمل في الآيات والأحاديث الدالة على أن ما يصيب الإنسان قضاء وقدر كتبه الله عليه قبل أن يخلقه؛ كقوله تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
ومنها: اليقين بأن الخير فيما اختار سبحانه، وأن على المسلم أن يصبر ويرضى بما قسم الله له، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً. {الأحزاب:36}
وقال: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ .{البقرة:216}
ومما يعينك كذلك اليأس من هذا الشاب وقطع الرجاء فيه، فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
ونحيلك على الفتوى رقم: 9360، في العلاج من داء العشق كما قرره ابن القيم رحمه الله .
والله أعلم.