الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال أن المرأة توفيت وتركت أبناء أخواتها الشقيقات وبنات أخواتها الشقيقات، فإذا كان واقع الحال كذلك فإن أولاد الأخوات -ذكوراً وإناثاً- ليسوا من الورثة وإنما هم من ذوي الأرحام، وذوو الأرحام لا يأخذون شيئاً من التركة؛ إلا إذا لم يوجد أحد من الورثة لا من أصحاب الفروض ولا من العصبات فينزل كل واحد منهم حينئذ منزلة من أدلى به ويأخذ نصيب،ه ولا فرق بين ذكرهم ولا أنثاهم لأن إرثهم بالرحم المجردة فاستوى ذكرهم وأنثاهم كأولاد الأم.
جاء في حاشية الدسوقي في بيان توريث ذوي الأرحام: فاجعل المسألة لمن أدلوا به كما سبق، ثم لكلٍ نصيب من أدلى به كأنه مات عنه. وجاء في كتاب التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية للفوزان في بيان كيفية توريث ذوي الأرحام: القول الأول: وهو مذهب الإمام أحمد أنهم ينزلون منزلة من يدلي به من الورثة فيجعل له نصيبه، وهذا الأقيس الأصح عند الشافعية... إذا أدلوا بجماعة قسمت المال بين المدلى بهم، فما صار لكل واحد أخذه المدلي به إن كان واحدا فهو له، وإن كانوا جماعة اقتسموه، والذكر والأنثى سواء... انتهى مختصراً.
وعلى هذا فمن توفيت عن أولاد أخوات شقيقات ولم تترك وارثاً أبداً فإن المال كله لهم لأنهم ينزلون منزلة أمهاتهم (الأخوات الشقيقات) حيث يأخذن الشقيقات المال كله ثلثيه فرضاً والباقي رداً، وأولاد كل أخت يأخذون نصيب أمهم ويقسمونه بينهم، نصيب الذكر كنصيب الأنثى.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر شائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.