الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة في الإسلام، بل هي الشعيرة المميزة للأمة المسلمة، كما قال الله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ {آل عمران:110}.
وهي الشعيرة الفارقة بين المؤمنين والمنافقين: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ {التوبة:67}.
فعلى المسلم ألا يقصر في هذا الواجب العظيم بحسب طاقته وإمكاناته, وبضوابطه الشرعية التي بينها العلماء رحمهم الله, والتي من أهمها: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أشد منه, وأن يكون المنكِر لديه القدرة على التغيير, وألا يعرِّض نفسه بسبب الإنكار إلى بلاء عظيم لا يطيقه, وأن يدفع المنكر بأيسر ما يندفع به.
وما ذكرته أخي السائل من حال عمتك, فإنا ندعوكم أولا إلى كثرة الدعاء لها بظهر الغيب وخصوصا في الأوقات التي هي مظنة إجابة الدعاء, لأن الله سبحانه بيده نواصي العباد وهو قادر على هدايتها وردها إلى الطريق المستقيم , ثم بعد ذلك ننصحكم أن تديموا نصحها بالرفق واللين, وأن تقدروا في ذلك ظروفها النفسية بسبب ما ذكرته من أمر إعاقتها الخَلقية, وأيضا بسبب عدم الزواج فهذا أمر شديد على النفس، وإن كان بكل حال ليس مبررا للفساد والانحراف, ثم بعد ذلك إن أمكنكم أن تغيروا المكان الذي تعيشون فيه حتى تقطعوا علاقاتها بالرجال الذين ارتبطت بهم, وتفرقوا بينها وبينهم, فهذا أمر طيب, ثم إن لم ترتدع عما هي فيه وأصرت على تلك الأخلاق التي ستلحق الضرر بالعائلة كلها, عند ذلك ننصحكم بأن يجتمع كل أفراد العائلة ويأخذوا منها موقفا موحدا لتمنعوها عن غيها, وذلك بأن تمنعوها من الخروج إلى الشارع ومن مقابلة الأجانب, ولو تحتّم خروجها لمصلحة معتبرة ولأمر ضروري فلا بد أن يخرج معها أحد من محارمها إلى أن تنقضي حاجتها ثم ترجع معه إلى البيت، مع العلم بأنه إذا لم يحدث شيء مما ذكر فإنكم تكونون قد أديتم واجبكم ولا إثم عليكم بعد فيما ترتكبه هي، ولا يترك إنكار المنكر لمجرد توهم أن أمها قد تتأذى بذلك، لكن إن تحقق أو غلب على الظن أن ذلك قد يؤدي إلى تأثر أمها بما يؤدي إلى تلفها فهذا ضرر أكبر. نسأل الله سبحانه أن يهديها إلى الصراط المستقيم وأن يوفقها للتوبة والرجوع إليه إنه سبحانه تواب رحيم .
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 22063, والفتوى رقم: 17092.
والله أعلم.