الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نجد فيما اطلعنا عليه من كلام أهل العلم تحديدا للوقت الذي أنزلت فيه هذه الآية، ولكن على وجه العموم فإن سورة النور أنزلت بسبب قصة الإفك، وقصة الإفك كانت في غزوة المريسيع، وقد اختلف العلماء متى كانت هذه الغزوة في سنة أربع أم في سنة خمس أم في سنة ست، واستظهر الحافظ ابن حجر أنها كانت في السنة الخامسة للهجرة حيث قال في فتح الباري: فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضا، فتكون بعدها، فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة. اهـ.
وقد فرض الحجاب قبل ذلك في السنة الثالثة للهجرة كما نقل الحافظ في الفتح ذلك عن بعض أهل العلم وشهر كونه نزل في الرابعة.
ويدل لمشروعية الحجاب قبل نزول سورة النور ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها قالت في شأن صفوان لما عرفها: وكان يراني قبل الحجاب، وهذه الآية نفسها قد عدها العيني من آيات الحجاب الثلاث وهي من أدلة وجوب النقاب كما فسر بذلك جمع من المفسرين قوله تعالى في الآية نفسها: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {النور: 31} وأما قوله تعالى: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا. فالمراد به الثياب ونحوها عند كثير من المحققين. ولمزيد الفائدة بهذا الخصوص يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 8287، 22620، 50794، 59641،
ولم نفهم ما تعنين بقولك: وبم نزلت. فإن كان المقصود المعنى الذي تضمنته فقد ذكرناه، وإن كان المقصود سبب نزولها فقد قال الشوكاني في فتح القدير: وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: بلغنا -والله أعلم- أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث أن أسماء بنت يزيد كانت في نخل لها لبني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات فيبدو ما في أرجلهن -يعني الخلاخل- وتبدو صدورهن وذوانبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا! فأنزل الله ذلك: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ الآية. وفيه مع كونه مرسلا مقاتل. اهـ.
والله أعلم.