الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاعتراض هو أن يؤتى في أثناء كلام أو كلامين متصلين معنى بشيء يتم الغرض الأصلي بدونه ولا يفوت بفواته، فيكون فاصلا بين الكلام والكلامين لنكتة ...
وعند النحاة جملة صغرى تتخلل جملة كبرى على جهة التأكيد. ومثاله ما ذكرت وغيره، وهو كثير في القرآن وراجع في ذلك: البرهان في علوم القرآن.
وأما التذييل فهو أن يأتي بجملة عقب جملة، والثانية تشتمل على المعنى الأول لتأكيد منطوقه أو مفهومه ليظهر المعنى لمن لم يفهمه ويتقرر عند من فهمه نحو: ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور، وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً. وقوله: ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير، وراجع للمزيد عنه الإتقان في علوم القرآن.
وأما بخصوص آية البقرة فقوله تعالى : فَلَن يُخْلِفَ الله عَهْدَهُ، جواب شرط مقدر ، أي إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف؛ وهي (أي الجملة) كما قال ابن عطية اعتراضية بين (اتخذتم) والمعادل وهو قوله تعالى : أم تقولون على الله ما لا تعلمون . قال: وكأنه يقول: أي هذين واقع؟ اتخاذكم العهد عند الله؟ أم قولكم على الله ما لا تعلمون؟ اهـ
وجاء الاعتراض بقوله (فلن يخلف الله عهده) بين الكلامين أو الجملتين قبلها وبعدها لتقرير وتأكيد أن الله لا يخلف عهده لأحد .
وأما آية الأعراف وهي قوله تعالى: ولو أن أهل القرى - إلى - يكسبون، فلبيان الاعتراض بها يلزم معرفة المراد بالسياق قبلها وبعدها.
وقد أوضح ذلك في البحر المحيط: فقال : قوله: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون، الهمزة دخلت على أمن للاستفهام على جهة التوقيف والتوبيخ والإنكار والوعيد للكافرين المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، والفاء وهي التي في قوله : أفأمن لعطف هذه الجملة على ما قبلها.
وقالالزمخشري: ( فإن قلت): ما المعطوف عليه ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو ؟ ( قلت) : المعطوف عليه قوله { فأخذناهم بغتة } وقوله وقع اعتراضاً بين المعطوف والمعطوف عليه. اهـ
والله أعلم.