حكم عمل الإمام في السهو بإقرار المأمومين وسكوتهم

9-8-2008 | إسلام ويب

السؤال:
سؤالي متعلق بأحكام السهو (العمل بإقرار المصلين) السؤال: لو سهى الإمام فلم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا فإنه يبني على اليقين ويسجد للسهو, لكن فهل يجوز له أن يبني على إقرار المصلين وسكوتهم بمعنى أن يقول مثلا: سأقوم؛ فإن قال المصلون سبحان الله فهي الخامسة وسأعود للجلوس وأسجد للسهو بعد السلام لأنه سهو عن زيادة, وإن لم يقولوا: سبحان الله أكملت الركعة بناء على إقرار المصلين وبدون أن أسجد للسهو مع أنني شاك وقد يكون المصلون شاكين أيضا، وأرجو بيان مذهب الحنابلة ثم مذهب الشافعية في مسألة موضع سجود السهو متى يكون قبل السلام ومتى يكون بعده مدعما بالأدلة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبناء الإمام -إذا شك في صلاته- على الكيفية التي ذكرها السائل لم يرد به دليل فيما نعلم، ولم نجد أحداً من أهل العلم قال به بعد البحث والتقصي، والذي جاءت به السنة أنه يبنى على اليقين أو على غلبة الظن على خلاف بين الفقهاء في ذلك، وفي التفريق بين الإمام والمنفرد، ومذهب الحنابلة في ذلك التفريق بين المنفرد والإمام، فالمنفرد يبني على اليقين وهو الأقل، والإمام يبني على غلبة الظن -وليس على أمل تنبيه المصلين له- قال ابن قدامة في المغني: واختار الخرقي التفريق بين الإمام والمنفرد فجعل الإمام يبني على الظن والمنفرد يبني على اليقين، وهو الظاهر في المذهب، نقله عن أحمد الأثرم وغيره. والمشهور عن أحمد البناء على اليقين في حق المنفرد لأن الإمام له من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب فليعمل بالأظهر عنده، فإن أصاب أقره المأمومون فيتأكد عنده صواب نفسه، وإن أخطأ سبحوا به فرجع إليهم فيجعل له الصواب على كلتا الحالتين، وليس كذلك المنفرد إذ ليس له من يذكره فيبني على اليقين ليحصل له إتمام صلاته.. انتهى. 

وأما مذهب الحنابلة والشافعية في موضع سجود السهو فمحل سجدتي السهو عند الإمام أحمد هو قبل السلام إلا في حالتين يسجدهما بعد السلام: الأولى: من سلم عن نقص ركعة فأكثر فإنه يسجد بعد السلام لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحدى صلاتي العشي -الظهر أو العصر- فسلم بهم من ركعتين فلما نبه صلى الركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين، والحديث في الصحيحين، ومثله حديث عمران بن حصين حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاث.

الثانية: إذا بنى الإمام على غالب ظنه، ففي حديث ابن مسعود: وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم ما عليه ثم ليسجد سجدتين. أخرجه البخاري، وفي رواية له: فليتم ثم يسلم ثم يسجد. ولمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.

وبقية السهو يسجد له قبل السلام، قال ابن القيم في زاد المعاد: وأما الإمام أحمد رحمه الله، فقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن سجود السهو: قبل السلام، أم بعده؟ فقال: في مواضع قبل السلام، وفي مواضع بعده، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم حين سلم من اثنتين، ثم سجد بعد السلام، على حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين.

ومن سلم من ثلاث سجد أيضاً بعد السلام على حديث عمران بن حصين. وفي التحري يسجد بعد السلام على حديث ابن مسعود، وفي القيام من اثنتين يسجد قبل السلام على حديث ابن بحينة، وفي الشك يبني على اليقين، ويسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري وحديث عبد الرحمن بن عوف، قال الأثرم: فقلت لأحمد بن حنبل: فما كان سوى هذه المواضع؟ قال: يسجد فيها كلها قبل السلام، لأنه يتم ما نقص من صلاته، قال: ولولا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، لرأيت السجود كله قبل السلام، لأنه من شأن الصلاة، فيقضيه قبل السلام، ولكن أقول: كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد فيه بعد السلام، فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام.. انتهى.

وأما مذهب الشافعية فإن محل السجود عندهم كله قبل السلام استحباباً، وانظر الفتوى رقم: 17887.

والله أعلم.

www.islamweb.net