الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجوز للمسلم أن يهرب وينجو بنفسه وأهله وماله مما يخافه من الكوارث وغيرها، مما قد يضر الإنسان، وربما يكون ذلك واجباً إن كان فيه إنقاذ للنفس، فإن المسلم الحق هو الذي يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب، ويعلم أن الأسباب من قدر الله. قال الله تعالى: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ. وقال أيضاً: ولْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ. فالتوكل حقيقة هو الاعتماد على الله عز وجل مع مباشرة الأسباب المشروعة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي ترك الناقة سائبة متوكلا على الله، قال له: اعقلها وتوكل. رواه الترمذي وحسنه الألباني. وفي رواية عند الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قيدها وتوكل.
وكذا ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما خرج فاراً من الوباء فقال له أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله ؟ فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. رواه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ.
فالحاصل أن مباشرة الأسباب المشروعة لدفع ما يتخوف الإنسان وقوعه من الضرر لا يتنافى مع الإيمان بقدر الله، بل هذه الأسباب من قدر الله؛ كما قال عمر بن الخطاب: نفر من قدر الله إلى قدر الله.
والله أعلم.