الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن قراءة الفاتحة واجبه في حقِ الإمام والمأموم والمنفرد في كلِ ركعةٍ من ركعات الصلاة سريةً كانت أو جهرية، وهو جديد قولي الشافعي ومذهبُ جماعةٌ من الصحابة وبه قال البخاري وأهل الظاهر واختاره العلامتان ابن بازٍ وابن عثيمين، وقد دل حديثُ أبي بكرةَ الثابت في الصحيح على أن الفاتحة تسقط عن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً ويعتد بتلك الركعة، واختلف العلماء القائلون بما ذكرناه فيما إذا أدرك الإمام قائما فركع الإمام قبل أن يتم قراءة الفاتحة، هل يركع معه؟ أو يتم القراءة وإن رفع إمامه من الركوع ؟ ، فيه وجهان لأصحاب الشافعي.
قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب : وإن أدركه في القيام وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل، فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان: أحدهما: يركع ويترك القراءة لأن متابعة الإمام آكد؛ ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة . الثاني: يلزمه أن يتم الفاتحة لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها . انتهى
ورجح العلامة العثيمين في الشرح الممتع أنه يركع مع إمامه إن خشي أن يرفع قبل أن يتم الفاتحة لعموم الأمر بمتابعة الإمام (وإذا ركع فاركعوا) متفق عليه، ولأنها إذا سقط جميعها بإدراك الإمام راكعا فسقوط بعضها بركوعه أولى.
والذي يظهر لنا والله أعلم هو أنه يتم قراءة الفاتحة ولو رفع إمامه من الركوع، وذلك لأنه معذورٌ في التخلف عنه فالتحق بما إذا تخلف عن إمامه للعذر في صلاة الخوف ، وإنما سقطت الفاتحة حين إدراك الإمام راكعا لفوات محلها وهو القيام ، وأما إذا أدرك الإمام قائماً فعليه أن يتم الفاتحة فهذه الحال داخلةٌ في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه .
قال النووي في المجموع: فإن قلنا : عليه إتمام الفاتحة فتخلف ليقرأ كان متخلفا بعذر فيسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه فيتم القراءة ثم يركع ثم يعتدل ثم يسجد حتى يلحق الإمام ويعذر في التخلف بثلاثة أركان مقصودة وتحسب له ركعته فإن زاد على ثلاثة ففيه خلاف. انتهى.
ومن هذا يتبين لك أن المأموم لا تبطل صلاته في الحالة المسؤل عنها، طالما أنه لم يتأخر عن إمامه بأكثر من ثلاثة أركان.
والله أعلم.