الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من الحِكَم التي من أجلها شُرعت الجمعة توحيدُ كلمة المسلمين وتحقيقُ الألفة بينهم، ولذا كادت كلمة العلماء أن تتفق على أنه إذا كان في البلد مسجدٌ تقام فيه الجمعة لم يجُز إحداثُ جمعةٍ أخرى إلا لضرورة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا كان في المدينة التي تسكنون مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، وجب عليكم الصلاة معهم، ولا يجوز لكم إحداث جمعة أخرى. وانظر الفتوى رقم: 23537.
وما دمتم ببلدٍ أجنبي فأنتم أحوجُ إلى أن تجتمعوا بإخوانكم من المسلمين وتتواصلوا معهم ليكونَ ذلك قوةً لكم وزيادةً في إيمانكم، فالنصيحة لكم أن تحرصوا على الصلاةِ في المسجد الكبير الذي يجتمع فيه عموم المسلمين في بلدكم، وفي هذا أيضاً خروجٌ من خلاف من شرط المسجد لصحة الجمعة وإن كان قولاً مرجوحا، فلا تتهاونوا في هذا الأمر فإن لإقامة الجمعة في المساجد الجامعة فضلاً عظيما حتى وإن بَعُدت مسافة ما بينكم وبين المسجد فإن أجركم على قدرِ نصبكم.
فإن كنتم عاجزين عن إتيان المسجد جاز لكم إقامة الجمعة في هذا المكان الذي تسألون عنه بشرط توفر شروط الجمعة الأخرى المبينة في الفتوى رقم: 7637 ...
ومن شروط انعقاد الجمعة حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة من المستوطنين في بلد الجمعة وليسوا من المقيمين، والمستوطنون هم الذي اتخذوا هذا المكان للإقامة لا يرحلون عنه صيفا ولا شتاء إلا لحاجة ثم يعودون إليه، أما من أقام ببلد العمل ونيته مفارقته بعد ذلك والعود إلى وطنه أو غيره فليس مستوطنا.
والله أعلم.