الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن الإجارة من العقود اللازمة من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحاً خالياً من خيار الشرط والعيب والرؤية، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات أو بوجود سبب من أسباب فسخه.
فإذا كان الأمر كما ذكرت وقبل المستأجر المحل بدون كهرباء وتعذر إدخال الكهرباء في باقي المدة، ففي هذه الحال ينظر إن لم يمكن الانتفاع بهذه العين بالكلية أو أمكن الانتفاع بها ولكن في غير ما استأجرت له انفسخت الإجارة، وعليك أن ترد له أجرة المدة التي انفسخت فيها الإجارة، وإن أمكن الانتفاع بهذه العين على وجه من القصور فإن هذا عيب ويكون للمستأجر الخيار في فسخ العقد أو المضي فيه.
ولكن إن لم يفسخ المستأجر العقد لزمته الأجرة لأنه رضي بالعيب، قال ابن قدامة في المغني: أن يحدث على العين ما يمنع نفعها، كدار انهدمت وأرض غرقت أو انقطع ماؤها فهذه ينظر فيها فإن لم يبق فيها نفع أصلاً، فهي كالتالفة سواء -يعني يجب فيها الأجر بقدر ما استوفى من المنفعة- وإن بقي فيها نفع غير ما استأجرها له، مثل أن يمكن الانتفاع بعرصة الدار والأرض لوضع حطب فيها،... انفسخت الإجارة أيضاً لأن المنفعة التي وقع عليها العقد تلفت، فانفسخت الإجارة... وأما إن أمكن الانتفاع بالعين فيما اكتراها له، على نعت من القصور مثل أن يمكنه زرع الأرض بغير ماء، أو كان الماء ينحسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمنع بعض الزراعة أو يسوء الزرع، أو كان يمكنه سكني ساحة الدار، إما في خيمة أو غيرها لم تنفسخ الإجارة لأن المنفعة المعقود عليها لم تزل بالكلية، فأشبه ما لو تعيبت وللمستأجر خيار الفسخ على ما ذكرنا. انتهى ملخصاً.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
والله أعلم.