الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تستطيعين أن تحجي في هذا العام، ولم يكن لك عذر، ولم تكوني قد أديت الفريضة، فإن الواجب أن تقدمي الحج على أية أسفار أخرى، لأن الراجح وجوب الحج على الفور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له. رواه أحمد وصححه الألباني. ولقوله صلى الله عليه وسلم: من أراد الحج فليتعجل. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني. ولأن الحج إذا فات في هذه السنة فلا يأتي إلا بعد سنة كاملة، والأعمار غير مضمونة.
وأما بالنسبة لأمر المحرم في الحج فقد اختلف العلماء فيه.. فقال قوم: لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجد معها زوج أو محرم، وهو قول الحنفية والحنابلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه الشيخان، ولهما أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك. وفرق الإمام أحمد في رواية بين الشابة والعجوز، فاشترط المحرم للشابة ولم يشترطه للعجوز، قال المروزي: وسئل عن امرأة عجوز كبيرة ليس لها محرم، ووجدت قوماً صالحين؟ قال: إن تولت هي النزول والركوب، ولم يأخذ رجل بيدها، فأرجو لأنها تفارق غيرها في جواز النظر إليها، للأمن من المحظور فكذا هنا. انتهى.
ونقلها كذلك المرداوي في الإنصاف فقال: وعنه: لا يشترط المحرم في القواعد من النساء اللاتي لا يُخشى منهن ولا عليهن فتنة. انتهى. وذهب آخرون إلى الاكتفاء بالرفقة المأمونة من النساء الثقات وهو قول الشافعية في مشهور المذهب لأن الرفقة تقطع الأطماع فيهن، ولأنه سفر واجب لا يشترط له المحرم، كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار، وكالسفر لحضور مجالس الحاكم، والراجح -والعلم عند الله- هو المذهب القائل باشتراط الزوج أو المحرم بالنسبة للشابة وعدم اشتراطه بالنسبة للعجوز، فيجوز للمرأة العجوز أن تخرج للحج مع رفقة مأمونة عند أمن الفتنة، وأن الفتنة أمر يُحدده الزمان والمكان ووسيلة السفر والرفقة فيه وحالة المرأة، فهو أمر يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال.
وفي ضوء ما سبق تستطيعين أيتها السائلة أن تقيمي وضعك وحالك بالنسبة لخروجك للحج وعدمه، مع التنبيه إلى أن ابن عم أمك ليس محرماً لك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتويين: 12664، 14798.
والله أعلم.