الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تقوم به أنت وأخوك يسمى سمسرة، والأصل أن لا حرج عليكما في أخذ أجرة معلومة عليها لأن الراجح جواز أخذ الأجرة على السمسرة، وإذا كانت العمولة تؤخذ من البائع فلا يشترط علم المشتري بمبلغها لأنه ليس طرفا في عقد السمسرة حتى يلزم علمه بها، كما أنه لا حرج في عدم علم البائع بما يؤخذ من المشتري عليها أيضا.
والبيع الذي تقوم به هو من باب بيع الغائب، وهو محل خلاف بين العلماء، فذهب أبو حنيفة وهو قول لمالك وقول للشافعي في القديم، ورواية عن أحمد إلى جواز بيع الغائب مع ثبوت الخيار للمشتري، وذهب مالك في المشهور عنه و أحمد في أظهر الروايتين عنه إلى أنه لا يجوز إلا بالوصف أو الرؤية المتقدمة، وذهب الشافعي في الجديد إلى المنع مطلقاً.
وقد استدل من ذهب إلى جوازه بعموم قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275} وبما رواه الطحاوي في معاني الآثار أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالاً بالكوفة، فقال عثمان: لي الخيار، لأني بعت ما لم أر. وقال طلحة: لي الخيار لأني ابتعت ما لم أر. فحكم بينهما جبير بن مطعم، فقضى بالخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنهما. فدل ذلك على ثبوت الخيار للمشتري.
ولجواز بيع الغائب على اللزوم لا بد من الاعتماد على رؤية سابقة لا يتغير المبيع بعدها عادة أو وصفه وصفا كاملا يرفع الجهالة، فإذا كانت الصور المرسلة تفي بهذا الغرض عند أهل الخبرة، فلا بأس بالاعتماد عليها وإلا فلا يعتمد عليها لعدم وصفها الوصف الرافع للجهالة.
وننبه إلى أن نقد الثمن في بيع الغائب على اللزوم إن كان على سبيل التطوع كان جائزا، وإن كان بشرط من البائع أو وكيله امتنع، وأما إن كان على سبيل الخيار فإنه يمتنع مطلقا لعلة تردد المدفوع بين الثمنية إن أمضى للمشتري البيع والسلفية إن لم يمضه. قال في مواهب الجليل: والنقد فيه ش: أي وجاز النقد في بيع الغائب من غير شرط مطلقا سواء كان عقارا أو غيره سواء كان مثليا أو غيره على ظاهر المدونة خلافا لابن محرز وهذا فيما إذا بيع الغائب على الصفة أو على الرؤية المتقدمة باللزوم بلا خلاف، قاله الرجراجي في كتاب الغرر، وأما إذا بيع على خيار فلا يجوز النقد فيه. وللأهمية تراجع الفتويين: 35624، 55037.
والله أعلم.