الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كانَ الأولى بكِ إذ حضتِ قبل الميقات وقبل الشروعِ في أعمال العمرة ألا تُحرمي بها إذا غلبَ على ظنك أنك لن تتمكني من إتمامها قبل الرجوع إلى بلدك، وكان الواجبُ عليكِ قبلَ الشروعِ في العمرة أن تتعلمي أحكامها وتعرفي أركانها وواجباتها، فإنكِ لم تقعي فيما وقعتِ فيه إلا بسبب الجهل، ومن هنا نُهيبُ بكِ وبجميع القرّاء أن تهتموا بالعلم النافع، وتحصيلِ البصيرة في أحكام الدين، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: من يردِ الله به خيراً يفقهه في الدين. متفقٌ عليه.
وأما عن عمرتك فإنكِ لم تكمليها بل أنتِ باقية علي إحرامك، فإن الطواف ركنٌ من أركان العمرة بلا نزاع، وسعيكِ لم يصح لأنه وقع قبل الطواف، والواجبُ عليكِ الآن أن تمسكي عما يُمسك عنه المحرم، ثم تَقدَمي مكة فتطوفي وتسعي ثم تتحللي، والواجبُ عليكِ الفدية لكلِ محظورٍ من محظورات الإحرام التي ارتكبتها مع العلم، فإن كنتِ جاهلة كما هو الظاهر فلا شيء عليكِ، والأحوط أداء الفدية عن المحظورات التي فيها إتلاف كقص الشعر وتقليم الأظافر، أما ما لا إتلاف فيه كالتطيب فلا شيء فيه وراجعي لتفصيل هذا الفتوى رقم: 64931. وإن كنتِ جومعت في هذه المدة عالمةً بالتحريم فقد فسدت عمرتك، والواجبُ عليكِ المضي فيها وإكمالها وذبح هدي وأداءُ عمرةٍ مكانها، وإن كنتِ جاهلة فلا شيء عليكِ لقوله تعالي: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.
فإن عجزتِ عن إتيان مكة فحكمك حكم المحصر، تذبحين هدياً وتتحللين، فإن عجزتِ عن ذبح الهدي فعليكِ صيامُ عشرة أيام.
والله أعلم.