الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في كلام الله تعالى تناقض ولا تضارب حاشا لله أن يتناقض كلامه وهو العليم الخبير الحكيم، ومن شك في ذلك وتخيل وجود تناقض في كلام الله تعالى فهو من الكافرين.
والخلود المذكور في الفريقين أبدي بلا شك ولا ريب دلت على ذلك نصوص القرآن الصريحة الكثيرة، وإنما خاطب الله العرب في هذا الموضع بما هو معروف في لغتهم من التعبير عن الشيء المؤبد الباقي بشبيه دوامه بدوام السماء والأرض ونحو هذا مما يريدون به طولا من غير نهاية.
قال الطبري في تفسيره: ويعني بقوله: ما دامت السموات والأرض: أبدا: وذلك أن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوام السموات والأرض، بمعنى أنه دائم أبدًا، وكذلك يقولون: هو باقٍ ما اختلف الليل والنهار. وما سمر ابنا سَمِير، وما لألأت العُفْرُ بأذنابها، يعنون بذلك كله: أبدا. فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفون به بينهم فقال: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض، والمعنى في ذلك: خالدين فيها أبدًا. انتهى.
وقال البيضاوي في تفسيره: خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض ليس لارتباط دوامهم في النار بدوامهما، فإن النصوص دالة على تأبيد دوامهم وانقطاع دوامهما. بل التعبير عن التأبيد والمبالغة بما كانت العرب يعبرون به عنه على سبيل التمثيل، ولو كان للارتباط لم يلزم أيضاً من زوال السموات والأرض زوال عذابهم، ولا من دوامه دوامهما إلا من قبيل المفهوم، لأن دوامهما كالملزوم لدوامه، وقد عرفت أن المفهوم لا يقاوم المنطوق. انتهى.
والله أعلم.