الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يفعله أبو هذه الفتاة وما يطلبه منها هو من أكبر الكبائر وأشنع الذنوب التي توجب لعنة علام الغيوب، وإذا كان الزنا بزوجة الجار إثم يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكفر بالله، كما في الصحيحين: قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (أن تدعو لله ندًّا وهو خلقك). قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك). قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تزاني بحليلة جارك). فما الظن بزنا الرجل بابنته؟!!
ولا شك أنه لا يفكر في هذا الفعل إلا إنسان قد سلب الحس والأخلاق والدين والعقل جميعاً، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري.
وصدق الرسول الكريم عندما حدث أصحابه عن فتن آخر الزمان التي تكون بين يدي الساعة فتعجب الصحابة أشد العجب حتى قال بعضهم: يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وقد أدركنا ما أخبر به الصادق المصدوق بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ولتعلم هذه الفتاة أنه يحرم عليها الخلوة بأبيها إلا أن يكون معها من يحميها منه من أخ أو عم ونحو ذلك، فلا يجوز أن يختلي بها أو أن تظهر أمامه مبدية بعض زينتها، بل عليها إذا أجبرت على لقائه أن تظهر أمامه متحجبة لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها وقدماها على أكثر الأحوال..
والذي ننصحها به هو أن تحاول نصحه وتذكيره بالله دون أن تلتقي به، بل بنحو الرسائل وغير ذلك وأن تطلب من أعمامها وأخوالها ونحوهم من أهلها أن ينصحوه ويذكروه بالله، فإن هو استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فعليها باللجوء إلى السلطات وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليحموها من شره وفسقه.
وأما ما يهددها به من دعاء عليها فلا تعبأ به فدعاؤه في هذه الحال لا يستجاب له فيه، بل دعاؤه عليها لامتناعها منه إثم ومعصية سيرى أثرها يوم يلقى ربه -إن لم يتب من فعله- ومع ذلك فإنا نوصيها بأن يكون بينها وبينه نوع من الصلة لأنه لا يحل لها بحال أن تهجره، ويمكنها أن تقتصر في هذا الأمر على السؤال عنه بالهاتف مثلاً، ونسأل الله أن يفرج كربها وأن يرزقها زوجاً صالحاً يعينها على طاعته ومرضاته، ومما سبق تدرك السائلة أن الذي يفتي بجواز ذلك أحمق من ذلك الأب وأجهل منه.. والله المستعان.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 109477، والفتوى رقم: 47916.
والله أعلم.