الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتعامل مع العدو الصهيوني ـ كبته الله وكفى المسلمين شره ـ إذا كان جلبا لمصلحة ظاهرة تعود على المسلمين، فلا بأس به إن شاء الله، ولا يكون هذا إقرارا بحق العدو في البقاء، ولا تطبيعا للعلاقات معه، وإنما هو من باب دفع شيء من المفسدة أو جلب شيء من المصلحة للمسلمين ، دون أي تنازل ولا تعاون على بغي ولا إثم ولا عدوان.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق المشركين المحاربين يوم الحديبية : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا. رواه البخاري.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فوائد قصة الحديبية: جواز بعض المسامحة في أمر الدين واحتمال الضيم فيه، ما لم يكن قادحا في أصله، إذا تعين ذلك طريقا للسلامة في الحال والصلاح في المآل، سواء كان ذلك في حال ضعف المسلمين أو قوتهم. انتهى.
وقال السعدي في فوائد قصة نبي الله شعيب عليه السلام: هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها بل ربما تعين ذلك؛ لأن الإصلاح مطلوب على حسب القدرة والإمكان. فعلى هذا لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية وتحرص على إبادتها وجعلهم عمَلَةً وخَدَمًا لهم. نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو المتعين ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة. انتهى.
والله أعلم.