الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنكم لم تخطئوا بهذا التصرف في حق أمكم، بل أمكم -عفا الله عنها- هي المخطئة في موقفها هذا ،فإن أحق الناس على الإطلاق بتزويج المرأة هو أبوها، وولاية النكاح هي للرجال وليست إلى النساء أصلاً، فطالما كان الزوج كفؤاً في دينه وخلقه، ووافق الأب والزوجة فلا معنى لاعتراض الأم بهذه الحجج الواهية التي ذكرتموها.
ولكن يستحب للأب أن يشاور الأم في زواج ابنتها لقوله صلى الله عليه وسلم: استأمروا النساء في بناتهن. أخرجه أبو داود.
قال ابن قدامة في المغني: فصل ويستحب استئذان المرأة في تزويج ابنتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: آمروا النساء في بناتهن. ولأنها تشاركه في النظر لابنتها، وتحصيل المصلحة لها لشفقتها عليها، وفي استئذانها تطييب قلبها، وإرضاء لها فتكون أولى.
ولكن أما وقد ذكرت أن عقد الزواج قد تم، فبتمامه فقد خرج الأمر من أيديكم فلا الأب ولا غيره يقدر على فسخ هذا العقد ولا على طلاق أختكم، لأن الطلاق حق للزوج كما أكد على ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فعليكم أن تبينوا لأمكم أن فعلها هذا لا يجوز شرعاً، وأن عقد الزواج طالما تم فليس لها أن تسعى في الطلاق، بل هذا حرام وجناية منها على ابنتها، وهدم لكيان أسرتها، هداها الله لما يحب ويرضى وجمع شمل أسرتكم، وللفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 74609، والفتوى رقم: 104358.
والله أعلم.