الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد رسمت يا أيها في جميع القرآن بالألف في آخرها إلا في ثلاثة مواضع، وهي الاثنان المذكوران في السؤال و الموضع الثالث قوله تعالى: سنفرغ لكم أيه الثقلان في سورة الرحمن، ويحتمل أنها كتبت بذلك من باب الاكتفاء بالفتح عن الألف كما اكتفي بالكسرة عن الياء في يارب ويا قوم، واكتفي بالضمة عن الواو في سندع ويمح الله الباطل، أو كتبت بذلك مراعاة لقراءة ابن عامر الذي يقرأ بضم الهاء كما يضم الهاء في ضمير الواحد المفرد، فقد ذكر الجزري في التحبير أنه قرأ -ابن عامر- أيه المؤمنون ويا أيه الساحر وأيه الثقلان بضم الهاء في الوصل في الثلاثة والباقون بفتحها.
وقال الشاطبي في الحرز :
وَيَا أَيُّهَا فَوْقَ الدُّخَانِ وَأَيُّهَا لَدَى النُّورِ وَالرِّحْمنِ رَافَقْنَ حُمِّلاَ
وَفي الْهَا عَلَى الإِتْبَاعِ ضَمَّ ابْنُ عَامِرٍ لَدَى الْوَصْلِ وَالْمَرْسُومِ فِيهِنَّ أَخْيَلاَ
وضم الهاء في أيها لغة عربية حكاها الكسائي والفراء، قال الفراء هي لغة بني أسد يقولون أيه الرجل أقبل ومأخذ هذه اللغة أنهم ضموا الهاء إتباعا لضمة الياء قبلها، وذلك أنهم شبهوا هذه الهاء بهاء الضمير فضموها كذا قال ابو شامة في شرح الشاطبية في بيان تعليل ذلك، وقال: كأنهم أشاروا بذلك إلى جواز كتابتها على هذا الوجه إما اجتزاء بالفتحة عن الألف على قراءة الجماعة، وإما على اللغة الأخرى التي قرأ عليها ابن عامر، واكتفى بذلك في هذه الثلاثة دون باقي المواضع لأنها جمعت الأنواع الثلاثة، وهي نداء المفرد والمثنى والمجموع، فالمفرد يا أيها الساحر، والمثنى أيها الثقلان، والمجموع أيه المؤمنون.
والله أعلم.