الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلفَ أهلُ العلمِ في حكم الاستنشاق في الوضوء والغسل فأوجبه فيهما أحمد، وأوجبه في الغسل دون الوضوء أبو حنيفة، وقال باستحبابه فيهما الشافعي ومالك، والقول الثالث أرجح الأقوال.
وعليه؛ فالغسل مع تركِ الاستنشاق صحيح. ولكن ينبغي للعبد مجاهدة نفسه ليأتي بالسنة على وجهها، فإن عجز فالله لا يكلفُ نفساً إلا وسعها.
فإذا احتجت للغسل في نهار رمضان فلا حرجَ عليك في ترك الاستنشاق على الراجح من أقوال العلماء، وإن جاهدت نفسك على فعله خروجا من الخلاف فحسن، فإن لم تستطع فلا شيء عليكَ بالاتفاق، ويمكنك أن توصل الماء إلى باطن أنفك بخرقةٍ أو نحوها، ويجزيك هذا إذا كان هو الذي تقدرُ عليه.
ثم إن تنظيف الأذن بالماء ليس مفطرا لأنها ليست منفذاً معتاداً وإنما يُفطّر ما وصل إلى الحلق أو الجوف، وكذلك إن وصل شيءٌ من الماء إلى الجوفِ أثناء الغسل من غير قصد لم يكن ذلك مفطرا، لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب 5}.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو فعل الصائم شيئا من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح. انتهى.
والله أعلم.