الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت بيقينك في عدل الله تعالى وحكمته، ولا حرج على المؤمنة أن تسأل سؤال مسترشدة لتتعلم دينها وتكون على بصيرة، والجواب عن سؤالك الأول: أنه ليس للمؤمنة في الجنة إلا زوج واحد، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 10579، فراجعيها.
وأما عن كون المرأة في الغرب لها علاقات محرمة خارج إطار الزوجية، فهذا مما شقيت به المرأة عندهم، وأصبحت سلعة يستمتع بها الرجال، والقصص التي وصلتك ربما لم تصلك كاملة، ولعلك قد اطلعت على شيء من قصص الشقاء التي تحدث عندهم وهي الكثرة الكاثرة جراء تلك العلاقات المحرمة والتي يقول الله فيها: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32}.
إن الإسلام دين الطهر والعفاف والفطرة المستقيمة، وربنا حكم عدل خلق النفوس وعلم ما يصلحها في الدنيا والآخرة، قال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}.
وليس كثرة نساء الرجل في الجنة من الحور العين لأن زوجته لا تكفيه، فقانون الآخرة ليس كقانون الدنيا، فإن الغرض من نعيم الآخرة هو إمتاع المؤمنين الصالحين بكل ما تشتهيه الأنفس، والإمتاع يقدره اللَّه ويكيفه حسب إرادته، فكما يجعل متعة الرجل في الحور العين، يجعل متعة المرأة بمعنى آخر، وسيضع اللّه في قلبها القناعة بحيث لا تغار من زوجات زوجها من الحور، كما جعل الحور أنفسهن قاصرات الطرف على من خصصن له من الرجال، لا يملن ولا يشتهين غير أزواجهن، قال نعالى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ {صّ:52}، وقد منع اللَّه عن أهل الجنة عامة الغل والحسد، والهم والحزن، قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً {الحجر:47}، فاطمئني واعلمي أنك إذا دخلت الجنة فستقر عينك ولن يكون هناك مثل هذه الأسئلة ومثل هذه الأمنيات، فأهل الجنة -جعلنا الله وإياك منهم- يقولون كما ذكر الله عنهم: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ {فاطر:34-35}، والمهم هو العمل للجنة، فإذا دخلت المؤمنة الجنة فسيسعى إليها النعيم سعيا، وتكون في قرة عين لا تنقطع.
والله أعلم.