الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أورد ابن حجر العسقلاني في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"، عند كلامه على سبب نزول قول الله -تعالى-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ {آل عمران: 97} ما أخرجه الفاكهي في كتاب مكة عن عكرمة أنه قال: لما نزلت (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) [آل عمران:85] قالت اليهود: فنحن على الإسلام، فما يبتغي منا محمد؟ فأنزل الله -عز وجل- حجاً مفروضاً (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران:97]، فقال النبي -صلى الله عليه سلم-: "كتب عليكم الحج.".
زاد ابن نجيح عن عكرمة فقال الله تعالى لنبيه: حُجَّهم أي اخصمهم، فقال لهم: حجوا، فقالوا: لم يكن علينا، فأنزل الله (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين [آل عمران:97] فأبوا، وقالوا: ليس علينا حج.
وهذا الأثر عند الفريابي، وعبد بن حميد، والطبري من طريق ابن أبي نجيح، عن عكرمة، ولفظه: لما نزلت (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) [آل عمران:85] قال الملل: نحن مسلمون. فنزلت، فحج المسلمون وقعد الكفار.
وذكره سعيد بن منصور في السنن عن عكرمة إلى قوله: قيل لهم: حجوا، فإن الله قد فرض على المسلمين حج البيت من استطاع إليه سبيلًا، فقالوا: لم يكن علينا، وأبوا أن يحجوا، فأنزل الله: (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) [آل عمران97].
فلهذا كان الخطاب بلفظ "الناس" في القرآن الكريم في فريضة الحج من بين سائر الفرائض.
والله أعلم.