الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
قال الزيلعي الحنفي في نصب الراية: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَهُوَ الشَّرْطُ إذْ الْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِيهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَهَا .... َلَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَيْهَا قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ، وَقِيلَ هُوَ كَالْخُرُوجِ وَهُوَ الْأَصَحّ .... انتهى.
وهذا يعني أنه يحنث في الأصح بذهابه ولو لم يصل.
وقال ابن الهمام في فتح القدير: ..... ثُمَّ فِي الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ إلَيْهِ يُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ الْخُرُوجُ عَنْ قَصْدٍ .. انتهى.
ومثله عند صاحب درر الحكام حيث قال : ... إذَا حَلَفَ لَا يَرُوحُ إلَى كَذَا فَهُوَ بِمَعْنَى لَا يَذْهَبُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ عَنْ قَصْدٍ وَصَلَ أَوْ لَا ... انتهى .
وعند بعض الحنفية لا يحنث حتى يصل, قال في فتح القدير: ... َلَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَيْهَا قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَهَا وَهُوَ قَوْلُ نُصَيْرٍ . قَالَ تَعَالَى { اذْهَبَا إلَى فِرْعَوْنَ } وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَتَبْلِيغُهُ الرِّسَالَةَ .... انتهى.
والذي نراه أقرب إلى الصواب أنه لا يحنث ما دام لم يصل لدلالة الآية السابقة, فإن موسى وهارون عليهما السلام لو توجها إلى فرعون ثم عدلا عن الذهاب في أثناء الطريق لم يكونا ممتثلين للأمر، ولا يصح أن يقال إنهما ذهبا.
وبناء عليه؛ فلا تلزم أخاك كفارة اليمين لا سيما أن الذي يظهر من قوله ( لا يذهب إليهم ) أنه يعني الوصول لأنه قال ولا يوصلهم فالذي يظهر أنه لم يقصد إلا الوصول إليهم ثم إيصالهم , وهو لم يفعل فلم تثبت الكفارة في ذمته , ولو أخرجتم كفارة عن يمينه من تركته أو من مال أحدكم كان أحوط وأبرأ لذمته.
والله أعلم.