الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله أوصى بالصبر في آيات لا تحصى كثرة، وما ذلك إلا لما يصيب الإنسان مما ذكرت من الغربة أو الملل، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الغرباء في الناس فقال: سيعود الدين غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء.
فلا تغتر أخي بكثرة السالكين في طريق آخره جهنم، ولا تحجم عن طريق قل سالكها إلا أن آخرها جنة عرضها السموات والأرض.
فالعبرة ليست في الكثرة إذ يقول الله: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ {يوسف:103}
وذكر عن إبليس أنه أقسم: قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً {الإسراء:62}.
وقال تعالى حاكيا ذلك: وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:17}.
وقال تعالى: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {سبأ:13}.
فهذه الآيات تبين قلة السالكين والمسارعين في الخيرات، وتبين كثرة الهالكين فلا يغرنك ذلك، والله يوفقك ويعينك، كما نوصيك بالثبات على التوبة والاستمرار على الطاعة ودعاء الله بذلك.
أما ما قلت من الدلالة على جماعة فننصحك بالذهاب إلى حلقات العلم وسؤال العلماء ومجالسهم وطلبة العلم والدعاة إلى الله في بلدك فهم خير جليس.
والله أعلم.