الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر لنا أن هذا الطالب الجامعي لا يجوز له الأخذ من مال الزكاة لأمرين:
أولها: أن طالب العلم الذي جوز العلماء إعطاءه من مال الزكاة إذا احتاج إنما هو طالب العلم الشرعي، وأما العلوم الدنيوية فليست من هذا الباب ولا يستحق طلبتها الزكاة إلا إذا كانوا فقراء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 110446.
ثانيها: أن هذا الطالب مستغن بما ينفقه عليه والده، ودعوى أن ما يعطيه له أبوه هو مصروفه الشخصي دعوى باطلة، فإن نفقته واجبة على أبيه فإنه وإن كان طالباً جامعياً، وتعليمه من هذا الباب فإن مناط وجوب النفقة هو عدم القدرة على الكسب، فإن كان هذا الطالب يستطيع التكسب فالتكسب واجب عليه ومن ثم يكون مستغنياً بما ينفقه على نفسه.
وعلى كل؛ فلا يجوز دفع الزكاة إليه لأنه غني إما بقدرته على الكسب وإما بما ينفقه عليه أبوه، فلا يجوز له أن ينفق المال على ملذاته وشهواته ثم يتكفف الناس بعد ذلك ويأخذ ما هو حق للفقراء والمساكين.. ثم إن أباه قد ملكه من المال ما يصير به غنياً فقد صار غنياً بما دخل في ملكه من جهة أبيه، إذا علمت هذا فالواجب على هذا الطالب أن يعيد المال الذي أخذه من مال الزكاة لأصحابه، لأنه ليس مستحقاً له، والواجب عليهم إذا لم يفعل أن يعيدوا إخراج الزكاة، لأن ذمتهم لم تبرأ منها.
وإذا وجد تعارض بين مستحق من الأقارب ومستحق من غيرهم، فالقريب أولى لما رواه الترمذي وغيره بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. هذا إذا تساويا في قدر الحاجة، وأما إذا كان غير القريب أشد حاجة فدفع حاجته أولى، لأن مقصود الزكاة والصدقة هو سد خلة الفقراء والمعوزين.. وأما إذا لم يكن القريب مستحقاً للزكاة -كما هو الحال في هذه المسألة- فلا يجوز إعطاؤه منها بزعم أنه قريب وإنما يعان بالصدقة والهبة ونحوها، وأما ما ذكرته من مبدأ (لا تجوز صدقة وذو رحم محتاج) فهذا الكلام لا أصل له ولم يثبت به حديث صحيح، وقد يكون له معنى صحيح مأخوذ مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وابدأ بمن تعول.. ولكن ينبغي النظر في هذه الحاجة وقدرها فلا يحمل هذا الكلام على إطلاقه.
وأما ما ذكرته مما يتفرع على السؤال من أنه إذا تفوق سقطت عنه الأقساط ونحو ذلك فلا حاجة إليه لأنه قد تبين أنه غير مستحق للزكاة أصلاً.
والخلاصة: أن أخذ هذا الطالب من مال الزكاة لا يجوز، وأن الواجب عليه أن يردها إلى أصحابها ليصرفوها في مصارفها الشرعية، أو يستحلهم ويأمرهم بإخراجها مما بأيديهم.
والله أعلم.