الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أكثر الحيض عند الجمهور هو خمسة عشر يوماً وليلة، وقد اختلفوا فيما زاد على العادة إن لم يجاوز معها هذا العدد ولم يتكرر فمنهم من قال هو حيض، كما قال الشافعية وبعض الحنابلة، وعليه فالذي كان يلزمك أن تنتظري حتى يمر عليك خمسة عشر يوماً، فإذا انقضت مع استمرار الدم فقد تبين حينئذٍ أنك مستحاضة، وبما أن الدم قد انقطع بعد اثني عشر يوماً فإن هذه المدة بتمامها تُعد حيضاً، فإن العادة قد تتغير ولا يشترط تكرر ذلك خلافا للحنابلة.
وعلى هذا.. فإحرامكِ بالعمرة الثانية قد صح وليس عليكِ إثمٌ في طوافكِ وأنت حائض لأنك كنتِ متأولة، وأما نفس الطواف فلم يقع صحيحاً فمذهب الجمهور أن الحائض لا يجوزُ لها الطواف، ولا يصح منها إذا طافت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري. متفقٌ عليه.
وعليه؛ فأنتِ لم تزالِي على إحرامك فيجبُ عليكِ أن تكفي عما يكفُ عنه المحرم، ثم تَقْدَمي مكة فتطوفي طواف العمرة وتسعي بين الصفا والمروة لأن سعيكِ الأول لم يصح إذ لا يكون السعي إلا بعد طواف، ثم تتحللي من عمرتكِ بالتقصير، فإذا عجزتِ عن إتيان مكة فحكمكِ حكم المحصر تذبحين دماً وتتحللين من نُسكك؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {البقرة: 196} فإذا لم تستطيعي ذبح الهدي فعليكِ صيام عشرة أيام بناء على قول من قال من أهل العلم أن ما زاد على العادة ولم يجاوز معها خمسة عشر يوما فهو حيض ولو لم يتكرر، أما من اشترط التكرار لجعلها عادة كما هو مذهب الحنابلة فإن هذا الدم الذي رأيته في هذه المرة دم استحاضة وما فعلته صحيح، والأحوط الأول.
والله أعلم.