الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه الأخ السائل أولا إلى الحذر من أن يكون ما يجده مجرد وسوسة فإذا كان لا يتيقن نزول بول منه فعليه أن يُعرِض عنه، وينبغي أن يرش على ثيابه الماء ليقطع الوسواس عن نفسه.
أما إذا تيقن نزول البول منه فنقول له حينها: ما تفعله من انتظاركَ حتى تتيقنَ انقطاع هذه القطرات ثم تتوضأ وتصلي صحيحٌ بلا شك، والواجبُ عليكَ تطهيرُ المحل بالاستنجاء وغسلُ ما أصاب الثياب من البول.
ومذهبُ مالك رحمه الله فيه تسهيلٌ في النجاسة الحاصلة بسبب الحدث المستنكح الذي يأتيه ولو مرة في اليوم ويعسر الاحتراز منه، وقد ذكرنا كلامهم في هذا في آخر الفتوى رقم: 75637، فراجعها.
ولكن كلامهم هذا في حدث يعسر الاحتراز منه، والذي يظهر أنك إن كنت قادرا على الاحتراز من هذه القطرات بأن تتمكن من منعها من الخروج إن شئت فإنها حينئذ حدث عادي يلزم فيها ما يلزم في غيرها.
وفي هذه المسألة قول الجمهورِ أولى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ حمنة بنت جحشٍ أن تتلجم وتستثفر بثوب حين كانت مستحاضة.صححه الترمذي وحسنه البخاري، وإذا كان هذا في حقِ المستحاضة، وفي معناها من به سلس فغيرُ المعذورِ أولى، وبما أنك لست مصاباً بالسلس فأنت أولى بالتطهر وإزالة النجاسة من المعذورِ به كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره صلى الله عليه وسلم للوجوب، فتعينَ العملُ بما دل عليه الحديث ولا يجوزُ تركه إلا لضرورة.
فالذي نرى أنه لا يجوزُ لكَ التساهل بترك التحفظ اعتماداً على فتوى فقهاء المالكية بذلك ، فإن السنة أولى ما اتُبِع وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا خشيت الضرر بوضع الخرقة، أو نسيت وضعها وخشيت خروج الوقت ولم تجد ما تغسل به البول من الثياب فيجوزُ لك حينئذٍ أن تصلي، ولا يضرك وجود النجاسة لعجزك عن إزالتها فقد صلى عمر وجرحه يثعبُ دماً، والله عز وجل لا يكلفُ نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.