الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمعاينُ للكعبة يلزمه استقبال عينها بالإجماع، وأما غير المعاين لها فيكفيه استقبال جهتها لقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ {البقرة:144}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وروى الأثرم عن عمر وعلي وابن عباس أنهم قالوا: ما بين المشرق والمغرب قبلة، وعن عثمان أنه قال: كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ما لم يتحر المشرق عمدا. انتهى.
وجاء في فتاوي اللجنة الدائمة: الواجب على الإمام والمأموم استقبال جهة الكعبة، لقول الله سبحانه: وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وهذا خطاب لأهل المدينة ونحوهم ممن هو في شمال الكعبة أو جنوبها، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة.
وأما من كان عن الكعبة غربا أو شرقا فإن القبلة في حقه ما بين الشمال والجنوب، ولأنه لو كان الغرض إصابة العين على من بعد عن الكعبة لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يتأتى أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف أكثر من قدر الكعبة. انتهى.
وعلى هذا فإذا كان انحرافُ المأمومين عن جهة القبلة بحيثُ يصدق عليهم أنهم غير مستقبلين جهة الكعبة فصلاتهم باطلة، ويجبُ عليكم إما إعادةُ بناء المسجد وإما وضع خطوطٍ تدلُ المأمومين على الاتجاه الصحيح للقبلة، وانظر الفتوى رقم: 49853. وأما إذا كان انحراف المأمومين يسيراً بحيثُ يصدق عليهم أنهم يستقبلون جهة الكعبة لا غيرها أي ما بين المشرق والمغرب فصلاتهم والحالُ هذه صحيحة وإن كانت إعادة بناء المسجد أو وضع خطوطٍ تدل المأمومين على الاتجاه المطابق أولى دفعاً للفتنة وسداً لذريعة تفاقم الأمر، لئلا يتحرفوا عن جهة القبلة مع طول الزمن.
والله أعلم.