الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يمكن أن تتعارض حقيقة علمية مع نصوص الوحي الثابتة، لأن الوحي من عند الله تعالى وهو سبحانه وتعالى خالق هذا الكون: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}، ولذلك فإن كلمة "دحا" في الآية الكريمة لا تتعارض مع كون الأرض كروية الشكل أو بيضوية، لأن الدحو والبسط هنا هو حسب ما يبدو للرائي... وللمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتوى رقم: 22383، والفتوى رقم: 54842 وما أحيل عليه فيهما.
وأما روايات الحديث المختلفة -وهي أكثر مما ذكرت وبعضها تكلم فيه- فقد أجاب عنها أهل العلم: بأن المراد من الحديث بمختلف رواياته تعظيم رؤيا المؤمن الصالح... وتحقيق أمر الرؤيا وأنها مما كان الأنبياء عليه، وأنها جزء من أجزاء العلم الذي كان يأتيهم والأنباء التي كان ينزل بها الوحي عليهم... وأن النبوة جاءت بالأمور الواضحة وفي بعضها ما يكون فيه إجمال وغموض مع كونه مبيناً في موضع آخر، وكذلك المرائي منها ما هو صريح لا يحتاج إلى تأويل ومنها ما يحتاج إليه، فالذي يفهمه العارف من الحق الذي يعرج عليه منها جزء من أجزاء النبوة، وذلك الجزء يكثر مرة ويقل أخرى بحسب فهمه، فأعلاهم من يكون بينه وبين درجة النبوة أقل ما ورد من العدد، وأدناهم الأكثر من العدد ومن عداهما يكون بين ذلك، فبما أن الأنبياء نبوتهم متفاوتة والله تعالى فضل بعضهم على بعض، فكذلك رؤيا المؤمن. انتهى ملخصاً من فتح الباري.
هذا وبإمكانك الرجوع إلى كتاب فتح الباري للاطلاع على أكثر من هذا، وإذا لم تستوعبه فلا تضق ذرعاً ودعه إلى ما تستطيع استيعابه كما قال الحكيم: إذا لم تستطع شيئاً فدعه * وجاوزه إلى ما تستطيع.
والله أعلم.