الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حرم الله الغيبة، وصور فاعلها في صورة بشعة، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}.
وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ. قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ. رواه مسلم.
والغيبة تباح في بعض المواضع للمصلحة، وقد ذكر الإمام النووي في شرح مسلم، ستة أسباب تبيح الغيبة، ومنها التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان أو القاضي، وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، و الاستعانة على تغيير المنكر.
وعلى ذلك فإن ذكر شيء من عيوب أبيك أو أخيك أو زوجك عند أمك أو أختك، لا يجوز إلا أن يكون في ذكره مصلحة، من تغيير المنكر أو إزالة الظلم، أو طلب مشورة.
وأما عن انتقاد شخص بصوت منخفض دون أن يسمعه أحد، فإن كان لا يشتمل على سب أو طعن بما ليس فيه، فلا حرج فيه، أما إذا كان يشتمل على سباب أو كلام فاحش، فهو غير جائز، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش البذيء. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وأما عن انتقاد تصرفات أمك أو غيرها، في نفسك دون التكلم مع أحد، فلا إثم في ذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وننصح السائلة أن تستعين بالله وتبث شكواها إليه ، فهو سبحانه قريب مجيب.
والله أعلم.