الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عدد القراءات المتواترة المدونة التي تلقتها الأمة بالقبول والإجماع لم تتجاوز عشر قراءات، وقد ذكرنا أسماء أصحابها في الفتوى رقم: 11163، واختلاف هذه القراءات ليس اختلاف تضاد، وإنما هو اختلاف تنوع... كما بينا ذلك في عدة فتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4256، 28111، 35300، 46796.
وأما الصحابة رضوان الله عليهم فكان كثير منهم يحفظ من القرآن ويكتب ما تيسر له منه، ومن هؤلاء ابن مسعود وابن عباس، ومن المعلوم أن القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة وإنما نزل منجماً، وربما نسخ بعضه، فيكون عند بعضهم ما نسخ ولم يثبت في العرضة الأخيرة، وربما أضاف بعضهم تفسيراً لما كتب، وربما كان التفسير ممزوجاً بالنص القرآني، وهذا هو سبب اختلاف ما جمعه ابن مسعود بطريقة فردية مع المصحف الذي نقلته اللجنة المكلفة من قبل الخليفة عثمان بنقل ما جمعه الخليفة أبو بكر وجعله في مصحف واحد.
ولذلك لم يكن الاعتماد في جمع القرآن الكريم على مثل هذه المصاحف مما جمعه الأفراد؛ لعدم كمالها وخلطها بالمنسوخ والتفسير. وإنما كان على ما جمع وكتب بصفة رسمية في عهد أبي بكر رضي الله عنه، قال المحقق ابن الجزري: ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب. وكان لابن مسعود مصحف فيه بعض المخالفات للمصحف الذي بين أيدينا نظراً لما ذكرنا وكذلك ابن عباس، هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في هذا الموضوع في الفتوى رقم: 104843.
والله أعلم.