الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلفَ العلماء فيما يُشرع مسحه من الخف ومثله الجورب، فذهب كثيرٌ منهم إلى أن المشروع مسح أعلى الخف وأسفله، واستدلوا على ذلك بحديثٍ يُروى عن المغيرة وفيه ضعف.
وكيفيةُ المسح عندهم هي أن يمسح كل واحدة من الرجلين بكلتا يديه، فيمسحُ باليسرى باطن الخف بادئاً من العقب، ويمسحُ باليمنى أعلى الخف بادئاً من رؤس الأصابع، وعليه فإنه يبدأ بمسح رجله اليمنى استحباباً لعمومِ الأدلة الدالة على استحباب التيامن.
وذهبَ جماعةٌ من أهل العلم إلى أن المشروع مسح أعلى الخف فقط وهو ظاهرُ السنة لخبرِ عليٍ عند أبي داود: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه، ولقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحُ على ظاهر خفيه.
والسنةُ إذاً أن يمسح الخفين جميعاً كما يمسحُ رأسه جميعاً وأذنيه جميعاً، قال العلامة العثيمين رحمه الله: كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تُمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: فمسح عليهما. ولم يقل بدأ باليمنى بل قال: مسح عليهما. فظاهر السنة هو هذا، نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى، وهذا لا أصل له فيما أعلم، وإنما العلماء يقولون: يمسح باليد اليمنى على اليمنى، واليد اليسرى على اليسرى، وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يُجزئ لكن كلامنا هذا في الأفضل.انتهى. مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب المسح على الخفين.
والله أعلم.