الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الزوجة المذكورة باقية فى عصمة زوجها، وتراضيا على نفقة معينة، فهذا يكفي ولا حاجة إلى تقدير المحكمة لمقدار تلك النفقة، أما إذا اختلف الزوجان في مقدار النفقة فالفصل في ذلك يرجع إلى المحكمة الشرعية لمعرفة القدرة المالية الحقيقية للزوج، والحكم عليه بنفقة تناسب قدرته المادية، فلا يكلف فوق طاقته وتكون النفقة بحسب عرف البلد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما تقدير الحاكم النفقة والكسوة، فهذا يكون عند التنازع فيها كما يقدر مهر المثل إذا تنازعا فيه، وكما يقدر مقدار الوطء إذا ادعت المرأة أنه يضر بها، فإن الحقوق التي لا يعلم مقدارها إلا بالمعروف متى تنازع فيها الخصمان قدرها ولي الأمر. وأما الرجل إذا كان ينفق على امرأته بالمعروف كما جرت عادة مثله لمثلها فهذا يكفي، ولا يحتاج إلى تقدير الحاكم . ولو طلبت المرأة أن يفرض لها نفقة يسلمها إليها مع العلم بأنه ينفق عليها بالمعروف، فالصحيح من قولي العلماء في هذه الصورة أنه لا يفرض لها نفقة، ولا يجب تمليكها ذلك كما تقدم فإن هذا هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار المبني على العدل. والصواب المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف، وليست مقدرة بالشرع، بل تختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة وحال الزوجين وعادتهما، فإن الله تعالى قال: وعاشروهن بالمعروف وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وقال:لهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. انتهى
وفي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي : وقدرت نفقة الزوجة على الزوج بحاله أي بحسب حاله التي هو عليها من يوم أي في يوم فتكون مياومة كأرباب الصنائع والأجراء أو جمعة كبعض أرباب الصنائع أو شهر كأرباب المدارس والمساجد وبعض الجند وخدمهم أو سنة كأرباب الرزق والبساتين. انتهى
وأما إقدام الزوجة على ظلم زوجها بتكليفه نفقة شهرية لايستطيعها بناء على شهادة زور وكذب فهذه معصية شنيعة وإثم مبين، ويتحمل شاهدا الزورعقوبة تلك الشهادة التى هي من كبائرالذنوب التى تشتد عقوبتها ويعظم إثمها، وللزوج المظلوم السعي فى رفع الظلم عنه بكل وسيلة مشروعة.
وراجع الفتوى رقم: 1224.
والله أعلم.