الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يتركه الميت بعد أداء ما عليه من حقوق يعتبر تركة توزع على الورثة، كل حسب ما يحق له شرعا، وإذا كان في التركة عقار مستأجر فإن الأجرة تدخل ضمن التركة، إلا إذا تنازل بعضهم عن نصيبه للباقي، ولا يحق لبعض الورثة استغلال العقار بسكن أو إجارة دون رضى بقية الورثة، وبهذا يعلم السائل أنه يجب على من سكن الشقتين دفع أجرة سكنية لمن لم يسكنهما من الورثة إلا إذا رضي بذلك عن طيب نفس.
وينبغي المبادرة بتوزيع التركة بعد حصر الورثة والمال وأداء الحقوق، ولا ينبغي تأخير ذلك، وإذا رضي الورثة وكانوا عقلاء رشداء فلا حرج عليهم في تأخير توزيعها، ولا يتحمل الميت إثما من تأخير توزيعها، فقد قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {الأنعام:164} وإذا كان الحامل على رضاهم في الظاهر هو الحياء لم يجز تأخير توزيعها لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.