الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسعي للإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال وأجلها، لقول الله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {النساء:114}.
وقال: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فخيرا ما قصدت ونحثك على السعي في هذا السبيل لما علمت فيه من الخير الجزيل.
وأما ما سألت مما يمكنك الإصلاح به بين أخويك أو تحبيب بعضهما إلى بعض فهو ما ورد في كتاب الله من التحذير من إساءة الظن بالناس كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} وفي الحديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه.
وكثير من أسباب البغض والحقد إنما هي بسبب ما يلقيه الشيطان في قلوب الناس ليسيء بعضهم الظن بالبعض الآخر والسعي في التحريش بينهم بذلك، كما في الحديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم.
ومن الأحاديث التي تعينك في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم.
ونحوه من الأحاديث التي تدعو إلى التآخي بين المسلمين ونبذ أسباب البغضاء والتحذير منها والترغيب في التحابب في الله وتغليبه على هوى النفس وإغواء الشيطان.
وللوقوف على جملة من ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3058، 35580، 111326، 20902، 18991.
والله أعلم.